تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المفاضلة تكون بين الأركان وتكون بين الواجبات وتكون بين المستحبات والمسنونات، ثم تكون بين المؤقت وغير المؤقت إلى غير ذلك مما هو معلوم في قواعد الفقه وما بحثه العلماء في هذا الباب. فمسألة التصدق بالمال قال بعض العلماء: التضحية أفضل من الصدقة بالمال بمعنى أنه إذا اشترى الأضحية وذبحها أو نحرها فهذا أفضل من أن يأخذ المال كله ويتصدق به.

وقال بعض العلماء: الأفضل أن يتصدق بالمال. أما الذين فضلوا أن يضحي فقالوا: إن هذه سنة مخصوصة بزمان مخصوص ووقت مخصوص، ففعلها في هذا الزمان المخصوص والوقت المخصوص يقتضي تفضيلها على أي شيء مطلق؛ ولذلك من قواعد العلماء: ((أن المقيد فيما قيد به أفضل من غير المقيد)) فمثلا أنت إذا كنت في عمل صالح وجاء عن الشرع النص بالقول والعمل يفضل قولا أو فعلا في هذا الوقت، وجاء نص يفضل قولا وفعلا في عموم الأوقات قُدّم المقيد ومن ذلك الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يوم الجمعة، حينما قال طائفة من العلماء الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والإكثار منها يوم الجمعة أفضل من غيرها من النوافل، وهذا مبني على النص؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((فأكثروا علي من الصلاة فيه)) فجاء مقيدا بالزمان حتى اختلفوا وقالوا: الأفضل أن يكثر من الصلاة على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا وقالوا إنه أفضل من أن يكثر من تلاوة القرآن ليس معنى ذلك أن جنس الصلاة أفضل من جنس القرآن أبدا بإجماع العلماء على أن قراءة القرآن هي أفضل وأعظم أجرًا عند الله عز وجل لكنه لما ورد النص عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالتخصيص فُضّل، ومن ذلك: مسألة الاستغفار في الأسحار هل الأفضل أن يكثر من الاستغفار أو يقرأ القرآن في السحر في آخر السحر؟ قالوا إن الله أثنى على المستغفرين بالأسحار، فهذا ذكر مخصوص في وقت مخصوص يفضل للوارد هذا راجع إلى قاعدة تقول: ((الوارد أفضل من غير الوارد)) هذا أمر بديهي لكن مراد العلماء أن الفضائل والمستحبات إذا وردت بخصوص زمان أو بخصوص مكان فإنها مفضلة للورود.

وجه هذا التفضيل: قالوا إنه إذا ضحى في يومه فإنه يصيب أجرين: الأجر الأول في كونه ضحى فإنه مال أنفقه وخرج عنه لله وفي الله وفي طاعة الله صدقة وقربة ثم يثاب من جهة المتابعة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وهذا مثل مسألة الصلاة بمكة ظهر اليوم الثامن وهو يوم التروية، فإن الحاج في اليوم الثامن السنة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه يصعد إلى منى، صعد وصلى اليوم الثامن الظهر بمنى، فعلى القول بأن التفضيل خاص بالمسجد نفسه وأن الصلاة بمائة ألف صلاة خاصة بالمسجد نفسه قالوا إنه لو كان بمكة وأمكنه أن يصلي الظهر في المسجد الحرام وأن يصليه في مسجد الخيف أو في مسجد منى فالأفضل أن يصلي في ذلك اليوم الظهر بمنى أو بخيفها؛ لماذا؟ لأنه وارد عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والاتباع يقتضي زيادة المرتبة وعلو الدرجة؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل في متابعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعظم شيء منحه وأعطاه لعباده هو الهداية، الهداية التي المسلم ولا يصلي صلاته ولا تقبل له الصلاة على الصحيح من أقوال العلماء أن الصلاة إلا بالفاتحة بعينها وهي مذهب الجمهور في كل صلاة وهو يقول: {اهدنا الصراط المستقيم} يسأل الله الهداية. جعل الله أعز شيء وأعظم نعمة وأفضل نعمة وهي نعمة الهداية في متابعة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: {واتبعوه لعلكم تهتدون} فقالوا إن هذه المتابعة تقتضي المفاضلة، وعلى هذا فالأفضل أن يضحي، ولاشك أن التضحية متابعة للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفضل من الصدقة؛ لأن الصدقة عامة، والأضحية خاصة، لكن كل هذا كما ذكرنا على القول بعدم الوجوب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير