تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما مسألة الصدقات في عمومها بعض العلماء يقول قلنا بتفضيل الصدقة؛ لأن المسكين حينما يأخذ المال يملكه، وإذا ملكه صرفه في منافعه فكان أعظم رفقاً به حينما يأخذ اللحم؛ لأنه إذا ضحى وأعطاه اللحم فإنه قد جعل الانتفاع خاصا بالأكل، لكن حينما يعطيه المال جعل انتفاعه أكثر من الأكل، يستطيع أن يستخدم المال في طعامه وفي شرابه وفي قضاء دينه إلى غير ذلك فقالوا إنه لا يخصه بعمل معين، ومن هنا فضلوا إعطاء المال على التضحية، وهذا كله كما ذكرنا محله أن لا يكون هناك وارد.

قال رحمه الله: [والأفضل فيهما الإبل]: والأفضل في الهدي والأضحية الإبل؛ وذلك لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن)) فجعل مرتبة الإبل أفضل من مرتبة البقر، ومرتبة البقر أفضل من مرتبة الغنم، ومن هنا قالوا إن الإبل أفضل ما يهدى، وأفضل ما يضحى به؛ ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل البعير مجزئا عن سبعة، فالجزور الواحد يجزئ عن سبعة، فلو أن سبعة أشخاص اشتركوا في شراء بعير وضحوا به أجزأهم، والشاة تجزي عن الرجل وأهل بيته؛ كما صح في حديث أبي أيوب -رضي الله عنه وأرضاه-، وعلى هذا لاشك أن الإبل أفضل، ولأن الإبل أكبر جسما، وكذلك أغلى ثمنا، ومن هنا كانت أفضل من البقر وأفضل من الغنم.

قال رحمه الله: [ثم البقر]: ثم البقر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الرواح في الساعة الثانية من الجمعة كمن ذبح بقرة وهذا فيه رد على من يقول من العلماء إن الإبل والبقر بمنزلة واحدة وهناك من يقول إن ا لإبل والبقر لا تفضيل بينهما إلا من جهة الصفات: أن تكون إحداهما أسمن أو أطيب لحما أو أحسن حالا وصفة في الكمال فحينئذ تفضل أما جنس الإبل والبقر فيجعلهما في مرتبة واحدة؛ ودليلهم أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الإبل عن سبعة وجعل البقر عن سبعة فدل على أنهما بمرتبة واحدة.

ونقول: إن السنة دلت على أن البقر دون الإبل على ظاهر قوله: ((من راح في الساعة الثانية فكان كأنما قرب بقرة)) وكون الشرع يجعل الإبل عن سبعة والبقر عن سبعة لا يقتضي أنهما بمنزلة واحدة، فقد يكون المنزلة واحدة والتفضيل بالصفات كما لو كان أحد البعيرين أسمن وأوفر لحما والثاني دونه ويجزي فإننا نقول: إن كلا منهما يجزئ عن سبعة ولكن التضحية بهذا أفضل من التضحية بهذا، ولاشك أن الإبل أكبر وأوفر لحما من الغنم، وعلى هذا فيقدم الإبل على البقر.

قال رحمه الله: [ثم الغنم]: ثم الغنم والإبل بنوعيها: العراب، والبختية، والبقر بنوعيه: البقر، والجواميس، والغنم بنوعيه: الضأن، والمعز، فجعل الله عز وجل في الإبل زوجين ونوعين. فالإبل بالنوعين: العراب، والبختية، وأفضلها العراب، والعراب هي التي لها سنام واحد، والإبل البختية هي التي لها سنامان، وفضلت العراب؛ لأنها هي التي أهدى بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والبقر يفضل على الجاموس؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحى عن نسائه بالبقر، وعلى هذا فإن البقر أفضل من التضحية بالجاموس؛ والجاموس يدخل في هذا بنوعيه، وكذلك بالنسبة للغنم فالضأن أفضل من المعز؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ولأنه أطيب لحما، وأكثر نفعا، ومن هنا قدم وفضل على المعز، ولذلك يجزي منه الجذع ويوفي مما يوفي منه الثني من المعز، وهذا يدل على أن شأن الضأن أفضل من شأن المعز وإن كان كل منهما يجزئ عن الرجل وأهل بيته.

قال رحمه الله: [ويستحب استحسانها واستسمانها]: ويستحب للمسلم إذا أراد أن يضحي أن يستسمن الأضحية وأن يستحسن. أما الاستسمان فهذا راجع إلى حال الكمال في صفة البهيمة إبلا كانت أو بقرا أو غنما، فالسمين منها أفضل وأعظم أجرا، ولذلك لما سئل عليه الصلاة والسلام عن أعظم البهائم أجرا عند الله عز وجل وهذا شامل للأضاحي والهدي قال: ((أنفسها وأغلاها ثمنا عند أهلها)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير