تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أنفسها: والنفيس من كل شيء أفضله، والذي يعز وجوده، ولذلك السمين أنفس وأحب إلى أهله، وعلى هذا يعتبر من كرام المال، وقد تقدم معنا في الزكاة أن الساعي و الجابي لا يأخذ السمينة؛ لأنها كريمة مال، فمن كرام المال السمان، فأحسن وأفضل ما تكون الأضحية إذا كانت سمينة، وسمنها يزيد في لحمها، وزيادة في طيبها، وحينئذ يكون أعظم أجرا إذا تصدق بها؛ ولأن السمين أغلى ثمنا، وإذا كان أغلى ثمنا فهو أغلى كلفة ومشقة، فيكون أكثر ثوابا عند الله عز وجل ولذلك قال: ((أنفسها وأغلاها ثمنا عند أهلها)) ولاشك أن السمين كذلك.

والاستحسان: الاستحسان يكون في الصفات فإذا كانت حسنة الحال في شكلها وصفاتها فبعض البهائم تكون لها صفات محمودة من الإبل والبقر والغنم إلا أن هذا الاستحسان راجع إلى طيب اللحم، البهائم يستحسنها أهلها ويستطيبونها وتكون عزيزة عندهم على حسب المقاصد، فالبهمية إما مركوبة وإما محلوبة وإما مأكولة، فهذه مصالح الناس في البهائم: مركوبة فيما يركب كالإبل، فإنها تكون عزيزة في الرَّكوب إذا كانت على صفات معينة، وتكون كذلك حلوبا، فإذا أرادها للحليب فإنها تكون عزيزة وغالية عند أهلها بصفات معينة يعرفها أهل الخبرة، كذلك إذا كانت للأكل، فالاستحسان هنا من جهة الأكل أن تكون حسنة في حالها وصفاتها ومن جهة الأكل ومن جهة الصفة، فبين من جهة الأكل بقوله: سمينة بصفة السمن، والاستحسان في الشكل.

قال رحمه الله: [ولا يجزئ إلا الجذع من الضأن والثني مما سواه]: بعد أن بين رحمه الله حكم الأضحية والمفاضلة بين أنواعها يتبع هذا أن التضحية والهدي لا يكون إلا من هذه الثلاثة الأنواع: الإبل، والبقر، والغنم، فلا يضحي بغير هذه الثلاث، وهذا مذهب الجماهير من السلف والخلف رحمهم الله ومنهم الأئمة الأربعة فلا يضحي بدجاجة، ولا يضحي بمثلا غزال ولا يضحي بتيثل ولا وعل، فهذه كلها ليست بأضحية وليست محلا للأضحية؛ ولذلك خص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المسن من بهيمة الأنعام، وهذا يخص الإبل والبقر والغنم، ونص الله U على اعتبار البهيمة يدل على أنه لا يكون إلا من هذا النوع، فإذا ثبت هذا فإنه لابد وأن يراعى في هذه البهائم سنا معتبرا يراعي سنا معتبرا فلا يجزئ ما نقص عن هذه السن، وهذا يعتبر من شروط صحة ا لأضحية.

فالشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام، فلا يجزئ من غيرها.

والشرط الثاني: أن تكون قد بلغت السن المعتبر، والسن المعتبر الثني من المعز، والإبل والبقر، فالثني من الإبل هو الذي بلغ الرابعة وطعن في الخامسة، أتم الرابعة وطعن في الخامسة.

وأما بالنسبة للغنم فإن الماعز يكون ثنيا إذا أتم السنة ودخل في الثانية.

ومن ا لبقر إذا أتم السنتين ودخل في الثالثة.

قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الحديث الصحيح: ((إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني)) فعندنا الأصل وما يستثنى، فالأصل أن الثني من الإبل والبقر والغنم واستثنى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من هذا الشرط - أن يكون ثنيا - الضأن فقط وهو الذي يسمى في عرف العامة اليوم: الطلي الذي له ألية، فهذا النوع من الغنم يجزئ منه ما أتم ستة أشهر إذا كان جيد المرعى، قالوا إنه يكون جذعا من الضأن إذا أتم ستة أشهر. وبعض العلماء يقول: إنه لا يكون جذعا إلا إذا بلغ ثلاثة أرباع الحول، ومنهم من يقول إذا قارب تمام الحول.

والصحيح الذي ذكره بعض الأئمة أنه يختلف بحسب اختلاف المراعي، ولذلك قد يجذع بإتمام الستة الأشهر إذا كان طيب المرعى، وقد يجذع في أكثر الحول أو إذا قارب تمام الحول على حسب اختلاف المرعى.

إذًا لا يكون جذعا دون ستة أشهر وهذا هو بيت القصيد أنه أتم ستة أشهر، ودخل في أكثر الحول. هذا بالنسبة للشرط المعتبر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد على أبي بردة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - حينما ضحى بالعناق وقال له: ((تجزيك ولا تجزي غيرك)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير