تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لصفحة رأسها وميلها إلى العين المبصرة، وكذلك إذا رعت فإنها ترعى الجهة التي تبصر بها دون الجهة التي لا تبصر منها، وعلى كل حال فإذا ثبت العور؛ فإنه موجب لعدم جواز التضحية بالبهيمة سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نص على ذلك قال: ((البيّن عورها)) سواء كانت العين موجودة قائمة أو كانت مستلّة كما ذكرنا أو طمست أو جرحت حتى ذهب النظر والإبصار بها. بقي السؤال: إذا كانت العوراء لا تجزي فهل هذا من باب التخصيص أو المراد به التنبيه على غيرها؟ قالوا إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيّن أن العوراء البيّن عورها لا تجزي فمن باب أولى إذا كانت عمياء، وأما إذا كان بصرها وإبصارها ضعيفاً كالعمَش والعشا فإذا كانت لا تبصر بالليل وتبصر بالنهار فإن مذهب جمهور العلماء أنها تجزيء وأنه يجوز التضحية بها، وكذلك أيضا إذا كان بها ضعف في الإبصار وتبصر بالعينين ولكن إبصارها ضعيف فإنه يجزئ أن يضحى بها، وإذا كان بها بياض العينين المؤثر في الإبصار ففيها ضعف إبصار إلا أنه لم يكتسح غالب العين أو لم يجاوز نصف العين؛ فإنه يجزئ التضحية بها في منصوص كلام أهل العلم -رحمهم الله-.

إذاً لا يجزئ أن يضحي بالعمياء ولا أن يهدي العمياء ولا أن يكون هذا النوع من البهائم في الفدية كل ذلك؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصّ على أن العوراء لا تجزي فمن باب أولى إذا فقدت الإبصار فإنها لا تجزي.

قال رحمه الله: [ولا العجفاء التي لا تنقي]: ولا العجفاء: وهي الكبيرة التي لا مخّ فيها، والمخ هو الدهن الذي بين العظام وهو معروف يكون في النخاع، ويكون أيضا في عظام الظهر - الورك-كذلك عضد الكتف، فإذا كانت كبيرة لا مخّ فيها فإن هذا النقص يؤثّر في اللحم، والنقص المؤثر في اللحم موجب لعدم الإجزاء في البهيمة. هذا أصل؛ وعلى هذا قالوا إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نصّ على هذا العيب لكي ينبه على هذا الضابط قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البيّن عورها، والعرجاء البيّن ضلعها، والكسيرة)) وفي لفظ النسائي وغيره: ((والعجفاء التي لا تَنْقي)) يعني لا مخّ فيها، فإذا كانت عجفاء أو كبيرة هرمة فإنها لا تجزيء في الأضحية ولا تجزئ في الهدي.

قال رحمه الله: [ولا العرجاء البيّن ضلعها]: ولا العرجاء إذا كانت عرجاء فإنها لا تجزي؛ لأن هذا العيب مؤثر ويؤثر في لحمها؛ لأن العرجاء تَضْعف في المرعى، وتَضْعف في الأكل، وتتأخر عن القطيع فيضعف يؤثر هذا على أكلها وعلى موردها، فإذا كانت عرجاء وقد بان عرجها فإنه حينئذ لا يجزئ أن يضحي بها ولا أن يهدي ولا أن يفتدي؛ والأصل في ذلك نصّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عليها بقوله: ((والعرجاء البَيّن ظَلْعها)) العرجاء البيّن ظَلْعها. ظَلْعها: الشاة إذا كانت عرجاء والبهيمة من الإبل والبقر إذا كانت عرجاء وعرجها بيّن يستوي فيه أن يكون لكسر أو يكون لشلل، ونبه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالعرجاء فمن باب أولى إذا كانت مقطوعة اليد أو مقطوعة الرجل، فهذا من باب التنبيه بالأدنى على ما هو أعلى منه، وهذا عيب مؤثر، وعليه الإجماع.

قال رحمه الله: [ولا المريضة البيّن مرضها]: ولا يجزئ أن يضحّي بمريضة قد بان مرضها، والمرض يعرفها أهل الخبرة، فإذا كان بها مرض فإنه لا يجزئ لا تجزئ في الضّحية ولا الدماء الواجبة.

المرض سواء كان بالجوف أو ظهرت أماراته على ظاهر البدن فإنه مؤثّر ولذلك يؤثّر في اللحم، ولربما كان المرض في البهيمة موجباً للضرر لمن يأكل لحمها، فلا يجوز أن يضحّي بمريضة قد بان مرضها؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولا المريضة البيّن مرضها)) ويرجع في ذلك إلى أهل الخبرة.

أخذ بعض العلماء من هذا دليلاً على أن الجرباء لا يضحى بها، وهو مذهب جمهور العلماء على أن الشاة أو الناقة أو البقرة إذا أراد أن يضحّي بها وبها جرب أنه لا يجزئ أن يضحّي بها؛ لأن الجرب نوع من أنواع المرض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير