قدم النهي، والنهي مقامه أقوى؛ ولذلك يمسك عن شعره، ولا يقلم أظفاره، ولا يقص شعره ولا يحلقه إذا أراد أن يضحي، وكذلك لو أحرم بالإحرام فإنه لا يفعل هذه الأشياء؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عنها المحرم وغير المحرم، وهذا يدل على أن المنبغي عليه أن يترك شعره وظفره.
قال بعض العلماء: إن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منع من أخذ الشعر والظفر حتى إذا عتق يعتق كاملا هذا من بعض العلل التي علل بها الحديث، ولكنها سنة محفوظة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ونحن نمتثل ما جاء في هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسنته سواء علمنا العلة أو لم نعلمها. والله تعالى أعلم.
السؤال الثاني: أيهما أولى بالصدقة ابن العم أو الخالة أو الجدة من جهة الأم. وجزاكم الله خيرا؟
الجواب:
ابن العم لاشك أنه عاصب، والعصبة لهم حق حتى في النفقة، فإذا كان ابن عمك وقريبك محتاجا إلى النفقة وليس هناك أحد أقرب إليه منك فيجب عليك أن تنفق عليه، وتقوم عليه وتحسن إليه؛ ولذلك ابن العم العاصب له حق عليك واجب وهو آكد من غيره، وأما ما كان من القرابة من جهة الأم فهم من ذوي الأرحام، وليسوا في القوة كقوة العصبة، ولذلك ابن العم ترثه ويرثك، فهو من العصبة. يأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض إذا لم يكن عاصب أولى منه كما قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر)).
وابن عمك العاصب أحق بالقيام عليك، وأحق بتغسيلك، وتكفينك، والصلاة عليك، والقيام على أمورك، وهذا يجعل منزلته مقدمة على غيره. فالعاصب مقدم على غير العاصب.
وأما بالنسبة للخالة؛ فبرها مستمد من بر الأم؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((الخالة بمنزلة الأم)) كما في الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وبر الأم مؤكد حتى قُدم على بر الأب بثلاثة أضعاف؛ كما في حديث الصحيح: ((من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أبوك)).
فهذا يدل على تأكد حق الأم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((الخالة بمنزلة الأم)) فلها حق عظيم في صلتها وبرها.
وأما ابن الخالة فهو دون ذلك؛ ولذلك لا مانع أنك تقسم بينهم، وتحرص على أن تصل ابن عمك، وتبر خالتك. والله تعالى أعلم.
السؤال الثالث: فضيلة الشيخ: ماذا يحل للرجل من مخطوبته من كلام ونظر. أفتونا مأجورين؟
الجواب:
المخطوبة السنة إذا كان الإنسان يعلم أنه إذا تقدم لهذا البيت أنه لا يُرد، فإن له الحق أن ينظر إلى مخطوبته، وأن يختبئ لها، فثبت في الحديث الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه أمر عبد الرحمن بن عوف - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن ينظر إلى مخطوبته، وقال: ((انظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا)) فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((إذا خطب الرجل المرأة واستطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للرجل: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يودم بينكما)).
ومن هنا أجمع العلماء - رحمهم الله – والأئمة على مشروعية نظر الخاطب إلى المخطوبة، وهذا النظر على حالتين: هناك نظر مرتب وهو الذي يكون ما بين الرجل وأهل المرأة، وهناك نظر غير مرتب. فالنظر غير المرتب أنه يريد أن ينظر إلى شكل المرأة في طولها وقصرها ونحفها وامتلائها إذا خرجت مثلا إلى السوق أو خرجت إلى عملها أو نحو ذلك فيتخبأ وينظر إليها، فإن كان النظر غير مرتب؛ لأن البعض يقول: ما أستطيع أن أتقدم حتى أجد الصفات التي أريدها مبدئيا، ثم بعد ذلك أتقدم، فهذا حمل عليه حديث جابر في تخبئه لها. قال: كنت أتخبأ لها. قالوا لأن هناك صفات في المرأة قد لا تظهر في حال دخولها عليه، فإذا إذا نظر إليها وهي في حال الغفلة ومشى في مشيها وطريقة خروجها يكون أبلغ في معرفة حقيقة المرأة، فهذا النظر غير المرتب حملوا عليه حديث جابر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: ((كنت أتخبأ لها)) فهذا التخبؤ اشترط فيه بعض العلماء وهذا شرط صحيح أنه
¥