تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فعلينا التسليم بالسنة، وما يشدد فيه البعض من أن الخاطب لا ينظر إلى مخطوبته فهذا خلاف الشرع، وتحريم لما أحل الله؛ ولذلك قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((انظر إليها فإنه أحرى أن يودم بينكما)) وكم من بيوت هدمت، ونساء طلقت ورملت بسبب هذا الصلف والتعنت والمخالفة للسنة، فيأتي الرجل ويدخل على امرأة لم يرها، ولم يُرغَّب في نكاحها، ولم يعط حق الرؤية فيها، فإذا به لا يحبها، ثم يضيق عليها حتى تخالعه، أو لربما ينكد عليها ويؤذيها انتقاما من أهلها وأذية لهم، وكل ذلك بسبب مخالفة السنة، وفيه ظلم للمرأة؛ لأن الضرر سيحصل على المرأة، ولربما دخل بها، وافتضها وأصبحت غير مرغوبة بعد ذلك إذا طلقها، ولربما دخل بها واستمتع بها الأيام ثم طلقها، وسبب الطلاق أنها غير جميلة، ثم إذا طلقت بعد نكاحها بأيام قليلة ساءت الظنون فيها، فمن الذي يتحمل هذه المصائب؟! ومن الذي يتحمل هذه البلايا؟! هن النساء؛ والسبب في ذلك مخالفة السنة. على الأولياء أن يكونوا وسطا بين الإفراط والتفريط، وأن يرضوا بشرع الله عز وجل، يُمكّن الخاطب من رؤية مخطوبته، ويمكّن من الرؤية الشرعية التي ليس فيها إفراط ولا تفريط، وفي الحدود المعتبرة على التفصيل الذي ذكرناه، ولاشك أن في ذلك الخير للخاطب وللمخطوبة، والخير كله في اتباع هدي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسنته.

جعلنا الله وإياكم من المتمسكين بها، وثبتنا على ذلك إلى لقائه. والله تعالى أعلم.

السؤال الثالث: فضيلة الشيخ: أنا أعمل في مكان بعيد عن أهلي فهل يجوز لي القصر إذا قضيت الصلاة الرباعية وأدركتني الصلاة، فهل يجوز لي أن أقصر الصلاة ولو صليت وحدي. وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

هذا فيه تفصيل إذا كان مكان العمل يبعد عن أهلك مسافة القصر، ومسافة القصر عند جمهور العلماء ثمانية وأربعين ميلا بالهاشمي، والميل واحد وستة من عشرة كيلو متر، أي ما يقرب ستة وسبعين كيلو متر فهو مسافة القصر، وما نقص عن ذلك فليس بمحل للقصر؛ والدليل على ذلك قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في الصحيح من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: ((لا يحل لامرأة بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة)). فجعلها مسافرة مسيرة اليوم والليلة، فدل على أن ما دون مسيرة اليوم والليلة ليس بسفر، وأكد هذا أنه خرج إلى أحد، وخرج إلى بني قريظة، وهي تبعد عن المدينة الأميال، وخرج إلى الخندق، فوجدنا أقل ما سماه الشرع سفرا هو مسيرة اليوم والليلة، والإبل تسير يوما وليلة وتسير نهارين وتسير يومين قاصدين نهارين وليلتين ويوم وليلة كله بمعنى واحد وهو الأربع والعشرين ساعة، مسير الإبل يوما وليلة -الأربع والعشرين ساعة- ثمانية وأربعين ميلا والثمانية والأربعين ميل تعادل ماذكرناه من الكيلو متر، هذا تحديد من الشرع؛ لأن الشرع سماه سفرا، لو نقص عن مسيرة اليوم والليلة لنهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المرأة أن تخرج عن ما دون اليوم والليلة، فلما كان مقصود الشرع أن ينهاها عن السفر لوحدها ذكر مسيرة اليوم والليلة ولم يذكر ما دون ذلك، ومنه بدون محرم، وهذا يدل على أن مسافة القصر على هذا الوجه، وأكد هذا فعل السلف، فإن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما صح عنه أنه سأله السائل وقال: أأقصر إلى مر الظهران - ومر الظهران الجموم ووادي فاطمة الذي يسمى الآن؟ - فقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لا، ولكن إلى جدة وعسفان والطائف، وكانت جدة تبعد عن مكة مسافة القصر؛ لأنها قبل اتساع العمران كانت أكثر من ستة وسبعين كيلو، وعسفان تقارب المائة من مكة في القديم، وأيضا الطائف تزيد على مسافة القصر. فقال حبر الأمة وترجمان القرآن -رضي الله عنهما - قال: لا. أي لا تقصر بمجرد خروجك إلى مر الظهران، ولكن إلى جدة وعسفان والطائف، فاعتبر مسافة القصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير