وأما القول كل ما سماه العرف سفرا فالأصل عند العلماء أنه لا يصار إلى التحديد بالعرف إلا عند عدم وجود النص، فالعرف يصار بالتقدير به إذا لم يوجد نصاً. أما إذا وجد النص فالواجب الالتزام بالنص، ولا يرد إلى العرف إلا بعد عدم وجود النص، والنص هنا موجود بتسمية هذه المسافة سفراً دون ما دونها فنقول إن من مشى مسيرة اليوم والليلة بهذا القدر الذي عليه جمهور العلماء فإنه يقصر، وأما إذا ولو كان يسافر يوميا لو كان ذهابه إلى ذلك المكان يوميا فإنه يقصر ويأخذ حكم المسافر، وأما إذا كان دون ذلك فليس بمسافر وحينئذ لا تقصر الصلاة. والله تعالى أعلم.
السؤال الرابع: فضيلة الشيخ: إذا لم يكن الأب له القدرة على ذبح العقيقة عن الغلام فهل له أن يذبح في السابع واحدة ثم في اليوم الرابع عشر واحدة أم لابد أن تكون مجتمعة وجزاكم الله خيرا؟
الجواب: هو الأفضل كما ذكر العلماء أن تكون الشاتان مع بعضها، ولكن إذا لم يتيسر له ذبح الشاتين وذكر على هذا الوجه فلابأس ولا حرج أن تذبح في يوم وتذبح الثانية في اليوم الثاني، ولكن الأفضل والأكمل أن يعقهما معا. والله تعالى أعلم.
السؤال الخامس: فضيلة الشيخ: سمعت من بعض الناس أنه ينبغي لمن ذبح أضحيته أن يبدأ بأكل الكبد منها، أهناك ما يدل على ذلك من السنة. وجزاكم الله خيرا؟
الجواب:
هم استحبوا البداءة بالكبد لما ذكر من أن أول نعيم أهل الجنة ما يصيبون من طعامها زيادة الكبد، وهذا ذكر بعض العلماء فيه. والحديث صحيح في مسائل بني إسرائيل للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، واستحبوا البداءة بالكبد ويحمد بعض الأطباء الكبد لما فيها من الفوائد، فإن كان هذا المعنى لمعنى طبي فليس هناك من بأس، وليس هناك من حرج، والأمر في هذا واسع ما لم يدخل عن اعتقاد فحينئذ يمنع منه. أما من حيث الأصل فلا بأس أن يبدأ بالكبد أو يبدأ بغيرها. والله تعالى أعلم.
السؤال السادس: فضيلة الشيخ: تركت ذنبا ما قرابة أربعة أشهر ثم عدت إليه فما السبيل للنجاة من الذنوب وجزاكم الله خيرا؟
الجواب:
لا حول ولا قوة إلا بالله! لا سبيل إلى النجاة من الذنوب إلا بالله جل جلاله مقلب القلوب، وهو وحده سبحانه يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بعدله، يحكم ولا معقب لحكمه، يقص الحق وهو خير الفاصلين.
أخي في الله العود إلى الذنوب له أسباب، منها: ما يكون بين العبد وربه، ومنها ما يكون بين العبد والعباد.
فعليك أن تراجع نفسك، وأن تنظر في السبب الذي دعاك للرجوع والعَوْد، فإن الله عز وجل إذا أحب عبده صرف قلبه إلى ما يحب، وجعله إلى الخيرات سباقا، ولرحمته تواقا ومشتاقا، فجعلنا الله وإياكم كذلك.
فالعبد الموفق السعيد هو الذي يوفق للخير، فإذا حرم هذا التوفيق تنكّب عن صراط الله، وساءت أحواله مع الله ومع عباد الله، وهذا لا يكون ولن يكون إلا إذا غيّر ما بينه وبين الله. {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} وقال تعالى: {فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم}.
فعليك أخي في الله أن تبحث عن الأسباب التي دعتك إلى الرجوع إلى الذنب والمعصية، فتارة يتساهل الإنسان في قرناء السوء، وتارة يتساهل في النظر إلى المحرمات، وتارة يتساهل في سماع المحرمات، وتارة يتساهل في غشيان أماكن الريبة حتى تزل قدمه - والعياذ بالله - بعد ثبوته.
فالذي أوصيك ونفسي بتقوى الله عز وجل وأن تبحث عن الأسباب التي تثبتك على التوبة، وتقوي صلتك مع الله عز وجل في بقاء الرجوع والإنابة إلى الله - U- وعدم الرجوع إلى الذنب، ولاشك أن الذنوب يقود بعضها إلى بعض، ومن أعظم الأسباب التي تضعف التوبة بل ولربما تكون سببا في حرمان الإنسان من التوبة من أعظمها: عقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وظلم الضعفاء، وغيبة الصالحين وأذيتهم والنميمة، نقل الكلام عنهم للأذية والوشاية، فمظالم الناس غالبا ما تحرم العبد التوفيق في الطاعة، وربما تكون سببا في طمس البصيرة - والعياذ بالله -؛ وقد صح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الله تعالى يقول: ((من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب)) إن العبد يكون محافظا على صلاته وطاعته واستقامته في طاعة ربه حتى يعق والده أو يعق والدته ولربما بكلمة واحدة؛ فالله
¥