تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[26 - 10 - 07, 07:30 م]ـ

قال الشيخ عبد الكريم بن صالح في كتابه " بيان الأدلة العقلية والنقلية في الفرق بين الرقية الشرعية والرقية التجارية؛ وبيان وجوب تعظيم واحترام ذكر الله عزَّ وَجل":

[إنَّ أعظمَ ما يحتج به مَن جعل ذلك له صنعةً ومَجْلبةَ مالٍ لا تَعَب فيه ولا نَصَبَ حديث قصة " اللديغ " الذي رُقي بسورة الفاتحة فشُفي، ففي «الصحيحين» عن أبي سعيد الخدري t أن رهطاً من أصحاب رسول الله r انطلقوا في سفْرَةٍ سافروها حتى نزلوا بحيٍّ من أحياء العرب فاستضافوهم، فأبَوْا أن يضيِّفوهم، فلَدُغ سيِّد ذلك الحيِّ، فسعَوْا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: " لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم لعله أن يكون عند بعضهم شيء ".

فأتوْهم فقالوا: " يا أيها الرهط .. إنَّ سَيِّدنا لُدِغ فسعَيْنا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء؟! ".

فقال بعضهم: (نعم، واللهِ إني لَرَاقٍ، ولكن واللهِ لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلاً)، فصالحوهم على قطيعٍ من الغَنَم، فانطلق فَجَعَل يتفل ويقرأ:} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {حتى لكأنما نَشِطَ من عِقَال، فانطلق يمشي ما به قَلَبَة (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn1)1)، قال: فأوْفوْهُم جُعلَهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله r فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فَقَدِموا على رسولِ الله r فذكروا له، فقال: (وما يُدريك أنها رُقية!، أصَبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم بسَهم) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn2)1) .

وأخرج البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن نفراً من أصحاب النبي r مرُّوا بماءٍ فيهم لديغ أو سَلِيم، فعرَض لهم رجلٌ من أهل الماء، فقال: " هل فيكم من راقٍ، إن في الماء رجلاً لديغاً أو سليماً؟! "، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاءٍ، فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: (أخَذْتَ على كتابِ اللهِ أجراً!)، حتى قَدِموا " المدينة " فقالوا: (يا رسول الله .. أخَذَ على كتاب الله أجراً!)، فقال رسول الله r : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn3)2) .

وبعض الناس يفهم أن أخذ الأجر أو الْجُعل على إطلاقه، وهذا خطأ ظاهر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية ~ لَمَّا ذَكَر قوله r : ( إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)؛ قال: (وكان الْجُعْل على عافيةِ مريض القوم لا على التلاوة) انتهى (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn4)3) ، وقال - أيضاً -: (فإن الْجُعل كان على الشفاء لا على القراءة) انتهى (( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=688310#_ftn5)4) ، يعني أن الْجُعْل - وهو الأجرة - إنما هو على شرط الشفاء.

أمَّا ما يفعله المحترفون لهذا الأمر في وقتنا فهو خلاف ما تقدَّم بيانه، فهم يأخذون الأجر على التلاوة، سواء كان ذلك بمباشرة النَّفْثِ على المريض أو النفث في أدوية يُغالون في ثَمَنِها لأجل نفْثهم وقراءتهم فيها، فيكون ما زاد على ثمنها الأصلي من أجل ذلك!، وقد يكتبون الرُّقَى في قراطيس يبيعونها على المريض بأثمانٍ باهظة!؛ وهذا كله وما شابهه لا تدل عليه قصة الحديثين حيث إنَّ الْجُعل يُدفع للراقي بعد شفاءِ المريض، وهذا ظاهر هذه الأحاديث حيث جَرَت الرقية على مقتضى المشارطة على الشفاء، فأين هذا من فعل هؤلاء الذين يأخذون المال دون شرط الشفاء؟!، ولو كانت ريالاً أو ريالين - مثلاً - لَهَانَ الْخَطْب ولكنها أموال باهظة يأخذونها بالباطل!؛ وسيأتِي - إن شاء الله تعالَى - بيان أنه لا يُشترط ثَمَن ولا على شرط الشفاء إلاَّ في مثل هذه الحالة الاستثنائية، ولذلك لا يُعهد عن الصحابة y ولا العلماء بعدهم أخذ الأجرة على الرقية بهذه الكيفية التي يفعلها أهل الوقت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير