تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المصلحة لِعِظَم المفسدة بذلك.

* الحادي عشر: أن المتفرِّغ للرقية على الناس فيه مشابهة بالذي يتفرغ للدعاء للناس، فالرقية والدعاء من جنس واحد، فهل يليق بطالب علم أن يقول للناس: تعالوا إليَّ أدعوا لكم!!، وهذا مخالف لهدْي السلف الصالح، فقد كان عمر بن الخطاب وغيره من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم يكرهون أن يُطلب منهم الدعاء ويقولون: أأنبياء نحن ?! (22).

* الثاني عشر: أن انتشار هذه الظاهرة قد يوهم عوام الناس ومَن لا علم عنده بأن هذه الكيفية هي الطريقة الصحيحة للرقية، فيظل الناس يطلبون الرقية من غيرهم، وتتعطل سُنّة رقية الأفراد لأنفسهم (23) وانطراحهم بين يدي رب السماوات والأرض وسؤاله الشفاء (إنتهى كلامه).

* فتوى للشيخ الألباني عن التفرغ للرقية:

وقال الشيخ الألباني رحمه الله: أُنكرُ أشد الإنكار على الذين يستغلون هذه العقيدة، ويتخذون من استحضار الجن ومخاطبتهم مهنة لمعالجة المجانين والمصابين بالصرع، ويتخذون في ذلك من الوسائل التي تزيد على مجرد تلاوة القرآن الكريم مما لم ينزل الله به سلطاناً، كالضرب الشديد الذي قد يترتب عليه أحياناً قتل المصاب، كما وقع هنا في عمان، وفي مصر، مما صار حديث الجرائد والمجالس، لقد كان الذين يتولون القراءة على المصروعين أفراداً قليلين صالحين فيما مضى، فصاروا اليوم بالمئات، وفيهم بعض النسوة المتبرجات، فخرج الأمر عن كونه وسيلة شرعية لا يقوم بها إلا الأطباء عادة، إلى أمور ووسائل أخرى لا يعرفها الشرع ولا الطب معاً، فهي – عندي – نوع من الدجل والوساوس يوحي بها الشيطان إلى عدوه الإنسان،) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ((24)، وهو نوع من الاستعاذة بالجن التي كان عليها المشركون في الجاهلية المذكورة في قوله تعالى:) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ((25) فمن استعان بهم على فك سحر – زعموا – أو معرفة هوية الجني المتلبس بالإنسي أذكر هو أم أنثى؟ مسلم أم كافر؟ وصدقه المستعين به ثم صدق هذا الحاضرون عنده؛ فقد شملهم جميعاً وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم-: “ من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد “ (26) وفي حديث آخر: “ ... لم تقبل له صلاة أربعين ليلة “ (27) فينبغي الانتباه لهذا، فقد علمتُ أن كثيراً ممن ابتُلوا بهذه المهنة من الغافلين عن هذه الحقيقة، مذكراً لهم بقوله تعالى:) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ((28) .. إنتهى كلامه رحمه الله (29).

ـــــــــــــــ

تخريجات:

(1) في كتابه:” الرُّقى على ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة واتخاذها حرفة “ ط. دار الصفوة القاهرة (ص 75 - 79).

(2) رواه البخاري (5737)، وابن حبان (5124)، والبيهقي (1866، 14182)، والدارقطني (3019 – 3020).

قلت: وقد وقع نحو هذا في رواية مماثلة لأبي سعيد الخدري [رواه البخاري (5736،2276)، ومسلم (2201)، وأبو داود (3900،3419،3418)، والترمذي (2063 - 2064)، والنسائي في الكبرى (7533،7534)، وفي عمل اليوم والليلة له (1035 - 1038)، وابن ماجه (2156)، وأحمد (3/ 44،10)، وابن حبان (6079 - 6080)، والبيهقي (1866، 11456) والحاكم (1/ 559)، وابن السني (636)، والدارقطني (3015 - 3018)، وابن الجارود في المنتقى (588)]، فانتبه إلى أنه لم يرد في السنة - حتى ولا في أثر ضعيف - أن الناس توافدت إلى بيت أبي سعيد رضي الله عنه لطلب العلاج والرقية منه بعد هذه الحادثة!! ... ؛ لأن القلوب لم تلتفت لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ بل تعلقت القلوب بالمقروء - وهو القرآن!! - .. ولو وقع مثل هذا الأمر لأحد الصالحين في زماننا هذا وسمع به الناس لهجموا عليه وحاصروا داره، ومنعوه من الخروج منها حتى ولو للصلاة، وضربوا إليه أكباد المطيّ وشدُّوا الرحال إليه لطلب العلاج منه ... ، فتأمَّل.

(3) الإسراء: 82.

(4) فصلت: 44.

(5) زاد المعاد (3/ 178).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير