تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما في العمرة فتنظر إلى أول الأركان وهذا مسلك الشافعية والحنابلة-رحمة الله عليهم-، أن العبرة عندهم في العمرة في تغيير النية وانقلابها وصحة هذا التغيير والانقلاب أن يكون قبل بداية الطواف، فإذا ابتدأ الطواف فقد تلبس بالنسك نافلة، أما لو غير نية قبل الطواف، فإنه يجزيه ذلك، ولذلك مسائل الفسخ - كما سيأتنا - الحج إلى العمرة ونحوها من المسائل؛ إنما تكون قبل أن يدخل ويتلبس بالطواف فإذا وقع عتقه قبل طواف الركن، الطواف الركن الذي هو طواف العمرة، فإنه حينئذٍ تجزيه عن عمرة الإسلام وتعتبر عمرة فريضة؛ لأنها وقعت قبل ركن الطواف.

وهذا بالنسبة للرقيق، أما بالنسبة للصبي فالحكم مثل الرقيق، فإن وقع بلوغ الصبي بحتلامه قبل الوقوف بعرفة أو أثناء وقوفه بعرفة قبل دفعه أجزأه وصح حجه، عن حجة الإسلام وإن وقع بلوغه واحتلامه قبل طوافه بالبيت في عمرته أجزأه وانقلبت عمرته إلى فريضة الإسلام.

[فإن زال الرق والجنون والصبا في الحج بعرفة وفي العمرة قبل طوافها صح فرضاً]: صح فرضاً أي أجزأه عن عمرة الإسلام وحجه.

[وفعلهما من الصبي والعبد نفلاً]: أي أن الصبي والعبد إذا حج كل منهما أو إعتمر في حال الصبا والرق فهي عمرة نافلة وحجة نافلة ولا تجزئ عن الفريضة، هذا مراد المصنف-رحمه الله-، وفي ذلك حديث ابن عباس كما ذكرنا، الذي ذكره الشافعي في مسنده وغيره ((أنه أيما صبي حج ثم بلغ أنه يعيد حجه)) وهذا أصل عند العلماء-رحمة الله عليهم- يقول به جمع من السلف أنه يلزمه أن يعيد حجة ولا يجزيه بحج نافلة ولا العمرة النافلة عن حجة الإسلام وفريضته.

[والقادر من أمكنه الركوب ووجد زاد وراحلة صالحين بمثله بعد قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والحوائج الأصلية]: [والقادر من أمكنه الركوب]: والقادر أي الشخص الذي يجب عليه الحج بوجود شرط القدرة، والقادر من وجد راحلة وهذه مسألة الركوب وللعلماء فيها وجهان:

الوجه الأول: بعض العلماء يقول: الحج لا يجب إلا على من وجد الراحلة، طبعاً هذا في غير المكي، أما المكي وأمره يسير محل الخلاف بين العلماء في غير أهل مكة؛ لأنهم يقدمون من بلدان بعيدة، وخاصةً فيما إذا كانوا أفاقيين بعيدين عن مكة فلابد من وجود الراحلة في قول الجمهور.

وقال بعض السلف: إذا كان يطيق المشي يلزمه الحج؛ لأن الله-تعالى- يقول: {يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} فوصفهم بكونهم يأتون رجالاً ولا شك أن القول بوجود الراحلة مع وجود الأحاديث التي أشرنا إليها بمجموعها لا تتقوى وكما وصفها الأئمة والعلماء أنها ترتقي إلى درجة الحسن بالاعتضاد، تقوي شرط الراحلة، وبناءً عليه فإنه لا يجب الحج على من أطاق المشي، لكن لو مشى وبلغ مكة وحج فحجه صحيح، فليس بهذا بشرط صحة؛ وإنما هو شرط وجوب، فلا يجب عليه إلا إذا ملك الراحلة، والراحلة في زماننا تشمل ما أن يكون قادراً على الركوب بالبر أو بالجو أو البحر، بأن تكون عنده مئونة الركوب، فإذا كان عنده المال الذي يستطيع أن يكتري به ويستأجر به سيارة لبلوغ مكة، أو طائرة أونحو ذلك حتى يبلغ، فحينئذٍ يجب عليه الحج، فلو كان سفره إلى مكة، يحتاج فيه إلى استئجار سيارة بثمانين، فحينئذٍ نقول لا يجب عليه الحج إلا إذا ملك مائتي ريال لركوب سيارته، زائدة عن حاجته وحاجة أولاده والحقوق الواجبة عليه، فلو كان مديوناً وعنده مال لا يفي بسداد دينه لم يجب عليه الحج؛ لأن هذا المال مستحق للغير؛ وإنما يجب عليه الحج إذا ملك ما فضل عن استحقاق الغير، كذلك - أيضاً - إذا كان يملك المائتين ولكن هناك حقوق واجبة عليه لنذر أو كفارة، أو عتق أو نحو ذلك من الحقوق الواجبة فاحتاج المائتين لشراء طعام الكفارة فحينئذٍ لا يجب عليه الحج، ويبدأ بهذه الحقوق الواجبة حتى يخاطب بعد ذلك بما فضل، إن كان يملك به القدرة بالحج إلى بيت الله الحرام، وإلا فلابد من أن تكون مؤونته والمال الذي عنده فاضلاً عن حاجته وحاجة من تلزمه نفقته كزوجته وأولاده، فلو كان الحج يكلفه ألف ريال، أو ألفين ريال فحينئذٍ نقول لا يجب عليه الحج إلا إذا ملك هذا المبلغ فاضلاً عن حقوقه الواجبة عليه، الحقوق الواجبة عليه لنفسه ولأهله، وهكذا للناس كالديون والنذور والكفارات إذا كانت لله-?- فهذا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير