تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مشترط للحكم، بالقدرة والاستطاعة، فلابد أولاً من الزاد ثم بعد الزاد الراحلة فيملك الراحلة التي يستطيع أن يركب عليها، فلو ملك الزاد وملك الراحلة فلابد من شرط القدرة البدنية، وهي الاستطاعة البدنية فقد يكون الإنسان غنياً وعنده الزاد وعنده الراحلة ولكنه لا يستطيع أن يركب السيارة، بل قد لا يستطيع أن يقوم بأعمال الحج لشللٍ أو نحو ذلك، فحينئذٍ لا يجب عليه الحج، لأنه لا يستطيع والله فرض الحج على المستطيع، ولذلك لما سأل أبو رزين العقيلي-? وأرضاه- رسول الله-?- عن فريضة الحج التي أدركت أباه شيخاً كبيراً، لا يستطيع أن يحج ولا أن يعتمر ولا أن يظعن، الظعن هو السفر، فمنه قوله-تعالى-: {يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ} أي يوم سفركم، إرتحالكم ويوم إقامتكم إي نزولكم، فالمقصود أن النبي-?- أمره أن يحج عن أبيه.

قال العلماء: في هذا دليل على أن الشخص إذا كان عنده قدرة مالية وعنده - أيضاً - راحلة يركب عليها لا يكفي لوجوب الحج حتى يكون قادراً ببدنه، فإن كان مبتلاً بالمرض نظرنا فيه، إن كان المرض يمنع مثله من الحج فحينئذٍ لا يخلو:

إما من أن يكون مرضاً مزمناً فهذا ينظر في توكيله للغير بشرطه.

وإما أن يكون مرضاً يرجى برءه، فيسقط عنه الحج في السنة التي مرض فيها، فإن شفي بعد ذلك لزمه أن يحج، وهذا مبني على وجود العذر والعذر يسقط ما دام موجوداً فإن زال زال الحكم بزواله، فعندنا في شرط الاستطاعة، أن يكون واجداً للزاد والراحلة مع قدرة البدن، فلا يكفي أن يجد الزاد ولا أن يجد الراحلة وهو غير قادر بديناً.

كذلك - أيضاً - يشترط أن يأمن الطريق فيكون طريقه آمناً فإن كان طريقه يخشى معه من السباع أو نحوها مما يؤدي إلى هلاكه أو تلفه أو حصول الضرر والبلاء عليه، فكما ذكرنا فيما سبق فإنه يعذر حتى يزول عنه هذا المانع.

[زاداً وراحلة صالحين لمثله]: [صالحين لمثله]: وهذا مبني على أن العرفة محتكم إليه؛ لأن الشرع جعل لكل ذي قدر قدره، فلو وجد سيارة لا تصلح لمثله، مثلاً الآن الشخص كبير السن يمكنه أن يحج إذا كانت السيارة محفوظة أو مثلاً فيها وسائل الراحة التي تمكنه من بلوغ البيت دون أن يصل إلى درجة الحرج والمشقة الغير مقدورة عليها، فنقول: يجب عليه أن يحج إن وجد هذا النوع من السيارات، لكن إذا لم يجد إلا نوعاً لا يأمن معه زيادة المرض ولا يأمن معه حصول المشقة الفادحة عليه، فوجود هذا النوع وعدمه على حد سواء، فلا يجب عليه الحج.

[بعد قضاء الواجبات والنفقات الشرعية والجوائج الأصلية]: بعد قضاء الواجبات والنفقات، الدين، عليه دين فيجب عليه أن يسدده؛ لكن المديون فيه تفصيل فالشخص المديون في الأصل ينبغي أن يبادر بسداد دينه ثم يحج، ولا يجوز للمديون أن يحج بدون إذن أصحاب الدين، لأن حقوقهم متعلقة به، والأصل أنه يطالب بسداد ديون المخلوقين، ثم بعد ذلك يجب عليه الحج، ولأنه يتعلق ذمته بالدين، أصبح غير مستطيع للحج، فيستأذن أصحاب الحقوق أن يسمحوا له بالحج فإن سمحوا له بالحج صح حجه وأجزأه وإن لم يسمحوا له بالحج، صح حجه وأثم، ولو كانت عليه ديون ولم يرضى أصحاب الدين أن يسافر فحينئذٍ يأثم بإضاعة حقوقهم؛ لأنه كان المفروض أن يضع هذا المال سداداً لدينه وأن يبدأ بسداد ديونه، ثم بعد ذلك يحج ويعتمر فلما تجاوز هذا الحكم فإننا نقول يأثم ويصح حجه، وعلى هذا فإنه إذا أذن صاحب الدين باللفظ أو كان هناك إذن ضمني.

يقول بعض العلماء: إن الديون المقسطة التي تكون على أشهر يجزيه إذا سيحج الشهر الأخير الذي هو قبل شهر ذي الحجة أن يحج؛ والسبب في ذلك أنه ديون غير حالة وإنما غير حلة بجميعها، وإنما حلت أقساطاً، فيؤدي للناس حقوقهم في زمانها، بالزمان الذي أوجبوا عليه الآداء، فلما أدى قسط ذي القعدة حل له أن يحج في ذي الحجة، وإذا أدى قسط شعبان حل له أن يعتمر في رمضان، وقس على هذا فسامحوا في حجه، لكن لا نقول بوجوب الحج عليه ما دام عليه دين، ففرق بين قولنا يجوز له أن يحج، إذا كان نافلة ونحو ذلك، وبين قولنا يجب عليه فلو كان عليه دين خمسة آلاف ريال ومقسطة في كل شهر ألف ريال، أو في كل شهر خمسمائة ريال، فأدى قسط ذي القعدة وبقيت عليه الأقساط الباقية فإننا لا نقول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير