ثم قال كلمة هي الحجة والفيصل في هذه المسألة: ((فلا تعرضن يخاطب زوجته أم حبيبة فلا تعرضن علي أخواتكن ولا بناتكن)) فقال: ((وبناتكن)) ولم يقل اللاتي تربين في حجري؛ وإنما قال بناتكن وأطلق ففهم من هذا أن تعبير القرآن في قوله: {اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} خرج مخرج الغالب والقاعدة في الأصول: " أن النص إذا خرج مخرج الغالب لا يعتبر مفهومه "، وعلى هذا فلو كانت بنت الزوجِ قد بلغت قبل أن تدخل بأمها فإنها محرم لك إذا دخلت بأمها وهكذا لو تربت من باب أولى وأحرى وهي مسألة الإجماع.
هؤلاء أربع من النسوة من أربع جهات، هؤلاء النسوة من أربع جهات إن جئت تحصرها وتتضح صورتها وتنظر إلى الآتي:
فتقول تحريم بالمصاهرة من جهة أصلي ومن جهة فرعي.
فأما من جهة أصلي فزوجات آبائي ومن جهة فرعي فزوجات أبنائي وإن نزلن.
وأما بالنسبة للثالث والرابع منهن فأم زوجتي وبنت زوجتي فالأمر فيهن واضح، وجمعهن يكون على هذه الصورة أن تنظر إلى أصولك وفروعك، وتسند الزوجية إليهما، وتنظر إلى أصل زوجتك وفرع زوجتك فيصبح المجموع أربعة أنواع من النسوة.
هذا بالنسبة للمحرمات يضاف إلى هذه الأنواع من النسوة، سبع من النسب وسبع من الرضاع وأربع من المصاهرة، وأضيف أربع من المصاهرة من جهة الرضاعة، فأصبح المجموع اثنتين وعشرين امرأة هذا من جهة الجهات.
هؤلاء النسوة يعتبرن محارم بالنسبة للرجل، يضاف إليهن الزوجة، وهي لا تحرم على الإنسان، ليس من المحرمات، لكنها أبيحت له، ولذلك لا تتعلق بنسب، ولا تتعلق برضاعة، ولا تتعلق بالمصاهرة من جهة الأصول والفروع، ولكنها هي التي أحل الله، فأصبح على هؤلاء النسوة عددهن ثلاث وعشرون امرأة هذا بالنسبة للمحرمات من جهة التأبيد.
هناك نوع من المحرمات حرم الشرع نكاحهن على التأقيت، فأخت الزوجة حرام على الإنسان أن ينكحها مؤقتاً، فلا نقول إنها محرمة ومن المحارم، وهذا يغلط فيه البعض، بل بلغني عن بعض طلاب العلم أنه يجلس مع أخت زوجته، يقول لأن الله-?- عدها في المحرمات، وهي كالأم وكالبنت وهذا خطأ، لأن التحريم لها مؤقت، وإنما تثبت المحرمية في التحريم المؤبد.
كذلك - أيضاً - من التحريم المؤقت الخامسة من النسوة ومن كان عنده أربع من النسوة، لا يحل له أن ينكح الخامسة، وليست الخامسة حلالاً له، وهي محرم عليه نكاح ولكن تحريماً مؤقتاً وكذلك المحصنات من النساء كما ذكر الله في القرآن من المحرمات لكنهم لسن من المحارم، فلينتبه لقولنا محرمات ومن المحارم.
فالمحارم شيء والمحرمات أعم من المحارم، لكن وصف هؤلاء النسوة بكونهن محارم بوجود التحريم من جهة التأبيد، بقي الإشكال هناك نوع من النسوة يحرمن على التأبيد ولسن من المحارم، ويلغز فيها بعض العلماء ويقول: امرأة محرمة إلى الأبد ليست بمحرم؟ فجوابه زوجة الملاعن، فإن الزوج إذا لاعن زوجته-والعياذ بالله- والزوجة لاعنت زوجها، فرق بينها فراقاً أبدياً، ولا تحل له إلى الأبد.
وهذا التحريم يسمونه تحريم مؤبد. لكنه لا يقتضي المحرمية، وليست بمحرم له، وإنما هي أجنبية تبين منه بمجرد انتهاء المرأة من قولها في اللعنة الخامسة-والعياذ بالله- أن غضب الله عليها إن كان صادقاً فيما ذكر، فإذا قالت هذه الكلمة حينئذٍ يفرق بينهما فِراقاً أبدياً، ولذلك قال-?- لعويمر العجلاني بعد أن انتهت وفرغت المرأة من اللعان وقالت الموجبة الخامسة قال-عليه الصلاة والسلام-: ((حسابكما على الله، الله أعلم أن أحدكما كاذب)) فقال عويمر: كذبت عليها إن أمسكتها هي - يا رسول الله - ثلاثاً. فقال: ((إنها لا تحل لك))، يعني إلى الأبد، فهذا يدل على أن التحريم إلى الأبد لكن ليست بمحرم، وعلى هذا اختص التحريم في المحرمات من جهة النسب، والمحرمات من جهة الرضاعة، والمحرمات من جهة الصهر أو المصاهرة، إلا أن التحريم من جهة الرضاعة يشترط فيه ما يشترط في الرضاعة المؤثر - وسيأتي إن شاء الله بيان حدود الرضعات المؤثرة وضابط ذلك - إن شاء الله - في كتاب النكاح -.
¥