تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هؤلاء النسوة وما يقابلهن بالإضافة من جهة الذكور فإنه يعتبر محرمات للرجال ومحرمات للنساء على التفصيل الذي ذكرناه، فلا يحل للمرأة أن تسافر إلى الحج ولا إلى العمرة ومن باب أولى غيرهن مع وجوب الحج والعمرة لا يحل لها أن تسافر إلا ومعها محرم.

قد يقول قائل: سفر الحج والعمرة واجب عليها وإن لم تجد محرماً فإنها تخاطب بالخروج إبراءً للذمة قد يقول قائل هذا. فما الدليل على أنه لا يجوز لها الخروج إلا بعد المحرم؟

أولاً: قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لايحل لإمرأة أن تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم إلا ومعها ذو محرم)) وجه الدلالة: إن الحديث عام لم يفرق بين سفر وآخر، فشمل السفر الواجب وغير الواجب.

ثانياً: أن النبي-?- قال له الصحابي: - يا رسول الله - إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وإن امرأة انطلقت حاجة، فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((انطلق فحج مع امرأتك)).

فدل على أنه ولو كان السفر واجب على المرأة أنه لا يجوز لها أن تسافر وليس معها محرم.

[وهو زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح]: قال-رحمه الله-: [أو سبب مباح] فالسبب المباح يخرج به السبب غير المباح كبنت الزنا-والعياذ بالله- والأخت من الزنا-والعياذ بالله- فهؤلاء وأمثالهن من النسوة لسن بمحارم للإنسان، أي لا يسافر مع أخته من الزنا، كأن تزني أمه-والعياذ بالله-، أو يزني أبوه، فتكن له أخت من الزنا لأب أو لأم، أو تكون بنت من الزنا كأن يزني الرجل بالمرأة-والعياذ بالله- ثم يتزوجها بعد أن تلد بنته التي من الزنا، فالبنت التي وقعت قبل الزواج الشرعي بنت سفاح. وما كان من بعد ذلك فهو ابن بنت نكاح وابن نكاح، فلا تكون هناك نسبة بين الحلال والحرام ولا يجوز لأحد مثلاً أن يسافر مع بنته من الزنى ويقول هذه محرم لأنها بنتي بل إنها تعتبر أجنبية عنه؛ لأن النبي-?- قال: ((الولد للفراش، وللعاهر الحجر)) فقطع الصلة بين الزاني-والعياذ بالله- وما كان من ماءه الحرام،، ولذلك حتى لا يحقق أن هذه البنت بنته وأنها لم تزن هذه المرأة بغيره، فهي ليست ببنته، وليس له إلا ما قال رسول الله-?-: ((وللعاهر الحجر)) كناية على أنه لا شيء له ولا ينسب البنت إلا لأمها، والحرام لا يحلل، فلو-والعياذ بالله- وطئها وحملت ثم عقد عليها بعد انعقاد الحمل وهو يعلم أن هذا الحمل حمله، وأن هذا الولد ولده، ثم عقد عليها ودخل بها وولدت هذه البنت من الزنى فهي بنت زنى، ويكون ما وقع من ماءه بعد العقد سقيٌ للحرام بالحلال.

وهذا هو الذي عناه النبي-?- في سبي أوطاس لما رأى الرجل يريد أن يلم بالمرأة من السبي، وهي قائمة على الباب، فقال-عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث الصحيح: ((أيغذوه في سمعه وبصره، لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه إلى قبره) والمراد بذلك: أن هذه المرأة السبي كانت قد حملت قبل الغزو ثم أسرت، فأصبح حملها للأول الذي كان يطئها وهو زوجها فلما وقعت في السبي حلت للغنيمة حلت لمن أخذها وأصبحت من سبي ومن إمائه، ويجوز له وطؤها ولكن لما حملت لا يجوز له وطؤها إلا بعد الاستبراء، وحينئذٍ ينتظر حتى تضع حملها ثم يستمتع بها بما أحل الله؛ لكن الرجل استعجل فقال-عليه الصلاة والسلام-: ((أيغذوه في سمعه وبصره)) يعني أنه لو جامعها فأنزل الماء أغتذى الولد وانتشى بماء الثاني فقال: ((أيغذوه في سمعه وبصره لقد همت أن ألعنه لعنة تدخل معه في قبره)) -والعياذ بالله-.

فهذا يدل على حرمة إدخال الماء على الماء وأنه لا يجوز - كما يفعل بعض العامة-نسأل الله السلامة والعافية- إذا زنى الرجل بالمرأة زوجوه بها قبل أن تستبرئ، وهذا أنه لا شك أن من حكم الجاهلية، ولا يجوز ذلك، وإذا أراد أن يتزوجها-والعياذ بالله- فإنه إذا تاب توبة نصوحة حرم عليه أن يتزوجها حتى تتوب توبة نصوحة. فإن تاب توبة نصوحة، فلا يجوز له أن يعقد عليها ولا أن يدخل بها إلا بعد أن يستبرئها من الحرام حتى لا يخلط النكاح بالسفاح وما أحل الله بما حرم.

فالشاهد أن السبب المباح إخراج للسبب الحرام، والسبب الحرام البنت من الزنى ليست بمحرم لأبيها الزاني وهكذا بالنسبة لفروعها من الإناث.

[وإن مات من لزماه أخرجا من تركته]: [وإن مات]: من لزمه [من لزماه]: أي من لزمه الحج ولزمته العمرة أخرج من تركته بقدر ما يحج به عنه، فإن كان موته بالمدينة ووجد شخص يحج عنه ويعتمر عنه نظر إلى كلفة ومؤونة الحج والعمرة فإذا هي ألف ريال أو ألفان فيخرج من تركته قبل قسمتها، لأن النبي-?- قال: ((دين الله أحق أن يقضى))، والميت إذا مات أول ما يؤدى عنه أول ما يقام به مؤونة التجهيز، من تغسيله وتكفينه وحمله ودفنه، ثم بعد ذلك تقضى عنه ديونه، تقضى الديون التي عليه إبراءً لذمته، فيشمل الديون التي للآدميين والديون التي لله-?-، لأن النبي-?- سمى الحج ديناً، فقال: ((فدين الله أحق أن يقضى))، فعلى هذا يخرج ألف ريال أو تخرج الألفين من تركته ويحج عنه، فإن وجد من ورثته من يتبرع لا يخرج عنه المال ويترك ماله حظاً للورثة يقتسمونه بقسمة الله-?- في كتابه وعلى لسان رسوله-?-.

[وإن مات من لزماه]: فدل على أنه مات من لا يلزمه الحج كأن يموت من كان فقيراً ولا يجد الزاد الذي يجب معه الحج فحينئذٍ لا يجب أن يخرج من تركته ما يحجج به عنه، ولو صار غنياً بعد الحج.

مثال ذلك: فقير جاءه شهر ذي الحجة من آخر عمره وهو على الفقر طيلة حياته وهو لايجد الزاد لكي يؤدي فريضة الحج والعمرة عنه، فلما ولى شهرالحج اغتنى، فحينئذٍ إذا اغتنى ينتظر إلى السنة القادمة حتى يحج فعاجله الموت قبل أن يأتي الحج القادم فحينئذٍ هذا المال يخرج عنه، حينئذٍ هذا المال لا يخرج عنه ما يؤدى به هذا الحج، لأنه لم يجب الحج عليه، وإنما يجب عليه الحج إذا جاء زمانه ودخلت أشهر الحج فحينئذٍ يخاطب بالحج إلى بيت الله الحرام، أما قبل زمانه فإنه ليس بواجب عليه وحينئذٍ لا يجب أن يخرج من تركته ما يحج عنه.

ـــــــــــــــــــــــــــ

يتبع بإذن الله، وأوله [باب المواقيت]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير