تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والنية والإنسان جالس في مصلاه كما جاء في حديث ابن عباس-رضي الله عنهما-.

أما الصورة الثانية: وهي صورة الإجزاء، فهي أن تمر بالوادي، وتمر مروراً وتقول: (لبيك حجاً، لبيك عمرة)، ولا يشترط النزول وليس بلازم وواجب بحيث نقول: لابد أن تنزل إلى داخل الوادي ثم تهل، فلو مررت بمحاذاة الميقات وقلت: (لبيك عمرةً، لبيك حجاً) فقد انعقد إحرامك وصح، لكن فاتك الأفضل والأكمل الذي هو تأسٍ برسول الله- r- ، على هذا إن تيسر لك النزول نزلت، وإذا لم يتيسر لك النزول فحينئذٍ تعتبر المحاذاة.

بقيت مسألة: وهي مسألة الطائرة، إذا كان الشخص مسافراً بالطائرة من المدينة إلى جدة وهو محرم بالحج أو العمرة أو بهما معاً، أو سافر من أي صقع من الأصقاع وهو يريد أن يصل إلى جدة، فجدة ليست بميقات، جدة لا تعتبر ميقاتاً، وعلى هذا فإنه من أحرم منها لا يحرم منها إلا إذا كانت نيته مبتدأة في جدة.

أما إذا كان قد قدم على جدة وهو في نيته أن يحج ويعتمر فيعتبر المواقيت التي ذكرناها، فمن مر بالطائرة بالميقات فإنه لا يستطيع النزول، فحينئذٍ بمجرد محاذاته للميقات يلبي وينوي، ويصح منه ذلك ويجزيه، فإذا لم يمكنه أن يطلع أو يطلع ولا يعرف المواضع ولا يعرف الأماكن فيحسب بالزمان، فيكون له التقدير الزماني، يقال مثلاً: بعد إقلاع الطائرة بدقيقة، دقيقة ونصف، لأنه في المدينة يكون إقلاعها على حالتين:

في حالة يكون الإقلاع والطائرة متجهة على جدة فتكون المسافة قصيرة جداً، بمجرد إقلاعها لا تأخذ إلا في حدود دقيقة أو أقل من دقيقة، دقيقة وشيء قليل حتى يحاذي الإنسان أبيار علي؛ لكن إذا كان مثلاً إقلاعها على الجهة التي هي خلاف جهة مكة أو جهة القبلة فإنها تأخذ وقتاً حتى تعتدل وتأخذ مسارها، فحينئذٍ قد تصل كما يقول بعض المختصين أنها تصل إلى ثلاث دقائق، فهذا يعني لابد من ضبطه ومعرفته على حسب المواقيت ولا يختص بالمدينة، فإذاً عندنا صورتان:

الصورة الأولى: أن يتمكن الإنسان من النزول في الوادي وإصابة سنة النبي- r- فيغتسل ويتنظف ويتطيب تأسياً برسول الله- r- ويصلي الركعتين ثم بعد ذلك يحرم، وإن كانت فريضة فإنه يحرم عقب الفريضة، ولا حاجة له بعد الفريضة أن يصلي ركعتي النافلة لكي يحرم بعدها، بل إنه إذا فعل ذلك خالف السُّنة، لأن السُّنة أن النبي- r- أحرم بعد الفريضة، وبعض العوام يفعل هذا للجهل فإنهم يصلون الفريضة، ثم بعد الفريضة تجدهم يقومون للركعتين لينشئوا الإحرام وهذا مصادم للسُّنة تماماً، فإنه الأفضل والأكمل أن يقع إحرامه في هذه الحالة بعد الفريضة مباشرة هذا الأكمل.

وأما الإجزاء فإنه بمجرد مروره على بالميقات يحرم.

المسألة الثانية عرفنا الآن أن الشخص يحرم من الميقات كمالاً وإجزاءً.

بقيت مسألة فرضية: وهي أن يحرم قبل الميقات أو يؤخر بعد الميقات.

أما إحرامه قبل الميقات فإنه خلاف الأفضل، فالأفضل والأكمل أن يحرم من الميقات، فلو لبس إحرامه من المدينة واغتسل وتطيب في المدينة ولبس الإحرام ولبّى، فحينئذٍ إذا لبى من المدينة

فللعلماء وجهان:

بعضهم يقول: إنه أفضل؛ لأنه سيكون تعبه أكثر، والقاعدة في الشرع: " أن ما كان تعبه أكثر فأجره أعظم "؛ لأن النبي- r- قال في الحديث الصحيح: ((ثوابك على قدر نصبك))، فهذا سيتعب أكثر؛ لأنه سيكون مانعاً نفسه من محظورات الإحرام من أكثر -تقريباً- سبع كيلو أو ثمانية كيلو قبل الميقات، هذه السبعة أو الثمانية الكيلوات تقرب فيها إلى الله بطاعة زائدة، فقالوا: هذا أفضل، وكما لو أحرم من مكان أبعد من المواقيت الأخر كأن يحرم مثلاً من الرياض، فإنه إذا أحرم من الرياض قبل ميقاته وهو قرن المنازل لا شك أنه ستمضي عليه مئات الكيلو مترات وهو متلبس بالطاعة والنسك، قالوا: فهذا أفضل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير