1. أنها ليست عقداً؛ بل إجراء شكلي بحت في سبيل الوصول إلى العقد المتناقَص عليه، وممن قال به الشيخ عبدالله المنيع، و الشيخ علي القره داغي.
2. أن المناقصة ما هي إلا عقد بيع، إذ فيها الطرفان والمعقود عليه وباقي شروط صحة البيع المعلومة؛ وقد قال به الشيخ الجواهري.
3. أنها صنو عقد المزايدة، ينطبق عليها ما ينطبق علي على المزايدة، وقد قال به د. علي السالوس، و د. عبد الوهاب أبو سليمان، وأشار إليه الشيخ رفيق المصري.
4. أنها عبارة عن عقد مسابقة، من حيث الاسم، والمضمون، والشروط، أشار إليه الشيخ رفيق المصري.
5. أنها عبارة عن عقد مركب من " عقد الضمان و دفتر الشروط "، أشار إليه الشيخ رفيق المصري.
وأما عن أوجه اختيار أولاء الآراء عند أصحابها؛ فهي:
1. قولهم أنها ليست عقداً، إنما سميت عقداً تجوُّزاً، وإلا فهي عبارة عن قضية إجرائية أكثر من كونها فقهية؛ حتى يُبحث لها عن تكييف، بل إجراء حديث للتوصل إلى عقود أخرى.
ونوقش:
بل المناقصة عقد تام، إذ تقديم العرض إيجاب، وإبرام العقد بعد رسوِّ المناقصة قبولٌ، وهما من أركان أي عقد، وما تضمنه من وجوب الالتزام من كلا الطرفين.
2. قولهم أن المناقصة ما هي إلا عقد بيع، وتعليلهم هو أن هدف هذا العقد الوصول إلى عقد صحيح وهو البيع ونحوه بدليل عمومات حل البيع، فما دامت الغاية صحيحة بشروطها المعلومة؛ فالطريق إليها بالمناقصة كذلك.
ونوقش:
أن هذا حكم على ما آلت إليه المناقصة ورست عليها، لا على ذات المناقصة التي تحتوي على إجراءات معينة.
3. قولهم أنها عبارة عن عقد مسابقة؛ إذ كلاهما من حيث الاسم مفاعلة، ومن حيث المضمون يوجد بعقد المناقصة الفوز بعقد معين، وفي المزايدة الفوز بعين معينة، ومن حيث الشروط؛ فيشترط فيها ما يشترط في المسابقة من حيث المساواة بين المشتركين في كل شيء، في المعلومات، وفي الفرص، وفي سائر الشروط والمواصفات، ويمكن تجزئة العقد فيها كالمسابقة إذا ما تساوت الأسعار.
وقلتُ أنه مناقش بما يلي:
أن غاية عقد المناقصة التوصل إلى عقد آخر ناشئ عنه، وأما المسابقة فغايتها تملُّك المُسابَق عليه.
4. قولهم أنها صنو عقد المزايدة؛ لمشابهتها عقد المزايدة، من حيث أن المناقصة يعرضها المشتري، أما المزايدة فيعرضها البائع، بل ورُجِّحت المناقصة على المزايدة؛ لانتفاء السوم على السوم انتفاءً تاماً.
5. قولهم أنها عبارة عن عقد مركب من " عقد الضمان و دفتر الشروط "؛ لتخلله عقداً مرتبطاً بها وهو عقد الضمان، ومستقل عنها ذو صلة بعقد المناقصة من بعيد وهو عقد بيع أوراق المناقصة " دفتر الشروط "، وكونه مستقل عنها لأن مشتري الدفتر لا يشترط دخوله فيها.
الاعتبار الثاني
بالنظر إلى مضمونها:
فقيل أنها إذا كان الهدف منها رسوها على عقد مقاولة فهي تشبه عقد الإجارة؛ إن كان المقاول قدم عملاً فقط، وإن قدم العمل والمواد فتشبه الاستصناع، وإن كان الهدف منها رسوها على عقد توريد فهي أشبه بعقد البيع المطلق.
نوقش:
بأن تكييفه بالنظر للمضمون غير مناسب؛ لأن المراد هو تكييف المناقصة من حيث هي أي ذات المناقصة، وليس تكييف ما تؤول إليه؛ إذ أنها قد تؤول إلى بيع عن طريق التوريد، أو استصناع أو إجارة عن طريق المقاولة، فالمهم إنه تكييف ذات المناقصة التي تقوم على
اختيار المناقِص صاحب العطاء الأقل للتعاقد معه وفق إجراءات معينة؛ كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك في مناقشة القول الثاني للشيخ الجوهري.
ولعل أقرب التخريجات هو أن عقد المناقصة عبارة عن:
1. عقد مزايدة.
2. عقد بيع دفتر الشروط مع عقد الضمان مدمجاً.
وسنتكلم عن هذه العقود من ناحية شرعية ـ إن شاء الله ـ؛ لنبين مدى شرعية الصورة التي خُرِّجت عليها المناقصة؛ لنحكم عليها:
أولاً حكم عقد المزايدة:
المزايدة: مصدر زايد على وزن فاعل، وتزايد أهل السوق عن السلعة إذا بيعت فيمن يزيد، وعرفه ابن جزي بقوله: (وأما المزايدة فهي: أن ينادي على السلعة ويزيد الناس فيها بعضهم على بعض، حتى تقف على آخر زائد فيأخذها).
اختلف العلماء فيها على أقوال ثلاثة، هي:
¥