تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكره مالكٌ في الموطأ يقضي على هذا الوهم، ويعيِّن الرمي في أحد اليومين؛ وهو اليوم الثاني؛ فيرمي أولاً الحادي عشر، ثمَّ يرمي بعد ذلك لليوم الثاني عشر، وما يريد أن يتوصل إليه الشيخ عبدالله المنيع من جواز الرمي قبل الزوال فإنَّ ذلك باطلٌ بما بيَّنه مالكٌ رحمه الله، وأنَّه لايقضي أحدٌ شيئاً حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه، ومضى كان القضاء، والقضاء يحكي الأداء بأن يكون بعد الزوال، فهذا الاستنتاج الذي ذكره الشيخ عفا الله عنَّا وعنه استنتاجٌ باطلٌ أخطأ فيه الشيخ وفقنا الله وإياه، ولكنَّه أي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يذهبوا بعد يوم النَّحر لرعاية الإبل بعيداً عن منى، ويغيبوا اليوم الحادي عشر، ثمَّ يأتوا في اليوم الثاني عشر، فيرمون لليومين مبتدئين باليوم الحادي عشر، فإذا انتهوا منه، رموا لليوم الثاني عشر، ويكون الرمي في وقته، ومن قال بجواز الرمي قبل وقته؛ فعليه الدليل الصحيح الصريح؛ علماً بأنَّ الفقهاء قالوا: أنَّ من قدَّم جمرةً متأخرةً، وأخَّر المتقدمة؛ بطل رمي المتأخرة؛ التي قدَّمها، وعليه أن يعيد، وإذا كان الرمي ليومين، فالترتيب واجبٌ من باب أولى، ولا أطيل بذكر أقوال الفقهاء، فالشيخ عبد الله يعلم ذلك.

3 - ثمَّ قال حفظه الله: " ذكر مجموعة من أهل العلم أنَّ للحاج تأخير رمي جماره إلى آخر يومٍ من أيام التشريق فيرميها مرتبةً على الأيام السابقة " أقول إلى هنا الكلام صحيح.

لكنَّ قوله: " ذكروا من تعليل ذلك أنَّ أيام التشريق مع يوم العيد وقتٌ واحد للرمي، وأنَّ الرمي آخر يومٍ لجميع أيام التشريق رمي أداءٍ لا رمي قضاء، واستدلوا على جواز ذلك بترخيصه صلى الله عليه وسلم للرعاة والسُّقاة بتقديم الرمي أو تأخيره.

ثمَّ قال عفا الله عنَّا وعنه: " ولايخفى أنَّ غالب العبادات لها أوقاتٌ تؤدَّى فيها " أقول: هذا صحيحٌ، ولكن هل يجوز أداء الصلاة قبل دخول وقتها؟ الجواب: أنَّ هذا لايجوز إلاَّ في جمع التقديم في السفر أمَّا ما عدا ذلك فلايجوز فيه تقديم العبادة على وقتها، ولاشكَّ أنَّ رمي الجمار مؤقتٌ بما بعد الزوال في أيام التشريق، فلايجوز تقديمه على وقته، وهذا واضحٌ كما بيَّنَّا أنَّ قرار هيئة كبار العلماء إنَّما كان في آخر الوقت؛ وهو إدخال الليل، وجعله وقتاً للأداء من أجل الضرورة، ولم يقولوا أنَّه يجوزتقديم الرمي لليوم قبل زواله وإنَّما جعلوا التوسعة في آخره، وكذلك الأوقات في الصلوات؛ فإنَّ الوقت الإضطراري يكون في آخر الوقت لقوله صلى الله عليه وسلم: ((تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقرها أربعا؛ لايذكر الله فيها إلا قليلا)) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ج 1/ 443 برقم 1927 ثمَّ قال: " لفظ حديث أبي الربيع رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن الصباح وغيره من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل ج 2/ 254 برقم 7453 عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدركها من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها)) فالوقت الإضطراري في أوقات الصلاة إنَّما كان في آخر الأوقات، ولم يكن في أولها فقياسه هنا بقوله: " ولانعلم خلافاً بين أهل العلم في أنَّ الصلاة في وقتها الإضطراري جائزةٌ، وتعتبر أداءً لاقضاءاً " أقول للشيخ لكنَّ الأمر يختلف فيما استدللت عليه وهو الرمي قبل الزوال بينهما فارقٌ عظيم، فالوقت الإضطراري في الصلاة يكون في أواخر الأوقات؛ أمَّا قياسك للرمي قبل الزوال على الوقت الإضطراري في الصلاة فهو قياسٌ مع الفارق؛ لأنَّك أنت تستدل على جواز التقديم قبل الوقت أي قبل دخول وقت الرمي الذي دلَّ عليه قول الصحابي: " كنَّا نتحيَّن " كما سبق بيانه، ولايخفى بطلان هذا الإستدلال؛ علماً بأنَّ كلَّ يومٍ من أيام التشريق الرمي فيه عبادة مستقلة تبدأ من بعد الزوال، وقضاءه في اليوم الثاني يعدُّ قضاءاً، ومن أخَّر الرمي إلى اليوم الثالث عشر لعجزه عن الزحام في اليومين قبله فإنَّه يكون في حقِّه رمي اليومين الحادي عشر والثاني عشر قضاءاً، ورمي الثالث عشر أداءً، ولاشكَّ أنَّه إن أخَّر ذلك مع القدرة عليه يعدُّ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير