ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:20 م]ـ
استخدام النار في غير السفن:
قيد الجواز في مختصر خليل بقيدين:
1 - إن لم يمكن غيرها
2 - ولم يكن فيهم مسلم
ولم يقيد ذلك باشتراط انفرادهم عن الذرية ولا باشتراط أن يخاف على المسلمين إن ترك قتالهم
وأما ابن بشير فذكر أن هناك حالتان:
الحالة الأولى: إن لم يخف على المسلمين وفيها قولان:
الأول: يجوز بقيد أن يكونوا منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار
الثاني: لا يجوز ولو كانوا منفردين عن الذرية ولم يمكن غير النار
الحالة الثانية: إن خيف على المسلمين
فذكر أنه يجوز بلا شك ولم يذكر في ذلك خلاف, وكل ذلك مقيد بأن يكونوا منفردين عن الذرية كما هو مقتضى قاعدة: (السؤال كالمعاد في الجواب) , وذلك أن نص ابن بشير كالتالي:
" إذا انفرد أهل الحرب قوتلوا بسائر أنواع القتل وهل يحرقون بالنار؟ أما إن لم يمكن غيرها وكنا إن تركناهم خفنا على المسلمين فلا شك أنا نحرقهم, وإن لم نخف فهل يجوز إحراقهم إذا انفرد المقاتلة ولم يمكن قتلهم إلا بالنار؟ في المذهب قولان: الجواز والمنع. "
إضافة:
أما ابن رشد, فقد حكى القولين منعا وجوازا في حال انفراد المقاتلة عن الذرية (ومن باب أولى عن المسلمين) ولم يقيد ذلك بأن لم يمكن غيرها أو بأن يخاف على المسلمين, فقال:
الْحُصُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا الْمُقَاتِلَةُ فَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُرْمَوْا بِالنَّارِ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَحْنُونٌ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْحَضْرَمِيِّ
إلا أن صاحب منح الجليل ذكر أنه إن أمكن غير النار فلا يجوز القتال بها عند ابن القاسم وسحنون, وذكر عن مالك أنه يجيز القتال بها وإن أمكن غيرها
فكأن ابن رشد جعل المنع مطلقا عند سحنون, بينما قيده صاحب منح الجليل بما لو أمكن غيرها
قال صاحب منح الجليل:
" (لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) أَيْ النَّارُ لِتَحَصُّنِهِمْ بِمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُهُمْ إذَا انْفَرَدَ الْمُقَاتِلَةُ وَلَمْ يُمْكِنْ قَتْلُهُمْ إلَّا بِهَا، فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ ".
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 12:49 م]ـ
ظهر لي أن ما ذكره صاحب منح الجليل عن مالك وابن القاسم وسحنون هو مقيد بحالة الخوف على المسلمين, لأنه بعد أن فرغ من النقل عنهم قال: " وإن لم يخف على المسلمين فهل .. ", وهو بذلك يكون قد خالف ابن رشد في إطلاقه مرة أخرى, وجعل كلام مالك في الجواز مقيدا بالخوف عن المسلمين
وقد سبق في أو لمشاركة قولي:
أما مالك رحمه الله, فقد جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل:-
" قُوتِلُوا (بِقَطْعِ مَاءٍ) عَنْهُمَا لِيَمُوتُوا عَطَشًا أَوْ عَلَيْهِمْ لِيَمُوتُوا غَرَقًا (وَ) بِ (آلَةٍ) لِقَتْلٍ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَنَبْلٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ وَلَوْ خِيفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ كَمَا {فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ الطَّائِفِ} (وَ) قُوتِلُوا (بِنَارٍ) تُرْسَلُ عَلَيْهِمْ لِتُحْرِقَهُمْ (إنْ) خِيفَ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اتِّفَاقًا وَ (لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهَا) أَيْ النَّارُ لِتَحَصُّنِهِمْ بِمَا لَا يُفِيدُ فِيهِ غَيْرُهَا، فَإِنْ أَمْكَنَ غَيْرُهَا فَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ بِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقَاتَلُونَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُخَفْ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .. "
فأنا استدرك على نفسي طريقتي في سوق الكلام, حيث ظهر لي أن الواو في (وإن لم يخف منهم على المسلمين .. ) استئنافية, فيكون قول مالك بالجواز في حال الخوف على المسلمين لا في حال عدم الخوف
كما ظهر لي أن صاحب منح الجليل ساق كلام مالك رحمه الله ليبين أن قوله مخالف لقول ابن القاسم وسحنون إذ أنهما يشترطان للجواز أن لا يمكن غير النار
تنبيه: سأعمد بإذن الله في ما يلي لتلخيصما وقفت عليه من كلام للمالكية في هذه المسألة, لعل ذلك يعين على مزيد من الفهم والتحرير
يتبع إن شاء الله ..
ـ[أبو فاطمة الحسني]ــــــــ[20 - 11 - 07, 03:47 م]ـ
قيد الجواز في مختصر خليل بقيدين:
1 - إن لم يمكن غيرها
2 - ولم يكن فيهم مسلم
ولم يقيد ذلك باشتراط انفرادهم عن الذرية ولا باشتراط أن يخاف على المسلمين إن ترك قتالهم
استدراك آخر:
قال في المختصر: (وَ بِالْحِصْنِ بغَيْرِ تَغْرِيقٍ وَتَحْرِيقٍ مَعَ ذُرِّيَّةٍ)
فبان بذلك أنه قيد جواز استعمال النار بعدم وجود الذرية
فخلاصة الكلام أن عبارة المختصر تفيد جواز القتال بالنار إن لم يمكن غيرها ولم يكن فيهم مسلم وكانوا منفردين عن الذرية
¥