تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أ – عن عمرو بن ميمون أيضاً قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن المشعر الحرام؟ فقال: إن اتبعتنا أخبرتك أين هو؟ قال: فاتبعته، فلما دفع من عرفة ووضعت الركاب أيديها في الحرم، قال: أين السائل عن المشعر؟ قلت: هو ذا. قال: قد دخلت فيه. قلت: إلى أين؟ قال: إلى أن تخرج منه.

رحم الله عمرو بن ميمون لقد اهتم بهذه المسألة فسأل عنها عبد الله بن عمر بن الخطاب كما مر، وها هو يسأل عنها مرة أخرى عبد الله بن عمرو بن العاص.

وهذا الأثر يدل دلالة واضحة أن المشعر الحرام يبدأ من مجرد الخروج من عرفات ودخول منطقة الحرم إلا ما كان من وادي عرنة ويبين ذلك من هذا الأثر الوجوه الآتية:

الوجه الأول: قوله:" ووضعت الركاب أيديها في الحرم".

فإن من المعلوم أن الخارج من عرفة وهي حلٌ كلها يدخل في منطقة الحرم بمجرد خروجه فيكون المشعر الحرام يبدأ من مجرد الخروج من عرفة إلا أنه يتجاوز وادي عرنة ليكون فاصلاً طبيعياً بين المشعرين: المشعر الحلال عرفة، والمشعر الحرام مزدلفة.

الوجه الثاني: قوله:" قد دخلت فيه" يدل على ذلك فإن ذلك بداية الدخول في المشعر الحرام.

الوجه الثالث: فلما عرف عمرو بن ميمون بداية المشعر الحرام على ما تقدم واطمأن لذلك من سؤاله هذين الصحابيين بقي السؤال إلى أي حدٍ ينتهي عنده المشعر الحرام؟ فوجه هذا السؤال لعبد الله بن عمرو فأجابه إلى أن تخرج منه. ومن المعلوم أنه لا يخرج منه إلا بدخوله لمشعر آخر وهو منى. فنكون بذلك قد ظفرنا بحدود المشعر الحرام "مزدلفة" طولاً وعرضاً من الشرق إلى الغرب وهي من الخروج من عرفات وبعد الوادي وادي عرنة مباشرة وتمتد إلى حدود منى. هذا ما يدل عليه كلام هذين الصحابيين عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.

3 – عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:

في محاولة علمية نادرة كان الإمام عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج يسأل فيها التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح عن المشاعر وحدودها وسأله عن المزدلفة استشهد عطاء في بيان حدود مزدلفة طولاً بقول ابن عباس:

أ – قال ابن جريج وأخبرني عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول:"ارفعوا عن محسر، وارفعوا عن عرفات".

هذا الأثر الموجز في لفظه الكبير في معناه وفحواه من هذا الإمام البحر الحبر ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما دل على المراد بأوجز عبارة فتراه في هذا النص قد حد حدود المشعر الحرام "مزدلفة" طولاً وغرباً وشرقاً.

أما شرقاً فقال:"ارفعوا عن عرفات" أي إذا خرجت من عرفات فتبتدء حدود مزدلفة ويستمر ذلك غرباً إلى وادي محسر فقال:"ارفعوا عن محسر" فما بين عرفات شرقاً ومحسر غرباً كل ذلك المشعر الحرام لا فواصل من أمكنة لا من هذا ولا من هذا أصلاً.

4 – عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما:

عنه رضي الله عنه قال:" تعلمن أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، تعلمن أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر".

وفيه ما في كلام ابن عباس السابق فهي مشاعر ثلاث.

- عرفة وهي مشعر وليس بحرم.

- مزدلفة هي مشعر وحرم ويفصلها عن عرفة وادي عرنة وهو ليس بحرم ولا مشعر لا من عرفة ولا من مزدلفة.

- منى وهي حرم ومشعر ويفصلها عن مزدلفة وادي محسر وهو حرم ليس بمشعر لا من منى ولا من مزدلفة.

ومن العجب أننا في هذه الأيام نرى الناس يبيتون في وادي محسر على أنه من مزدلفة، ويبيتون فيه على أنه من منى، وقد تضافرت نصوص الصحابة في الرفع عنه ويتركون أرضاً واسعة من مزدلفة ميتة وهي مما يلي عرفات، وقد دلت نصوص الصحابة السابقة على أنها من المشعر الحرام.

5 – جبير بن مطعم رضي الله عنه:

عن جبير بن مطعم قال:" أضللت بعيراً فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت النبي صلى الله عليه واقفاً بعرفة فقلت: هذا والله من الحُمس، فما شأنه ههنا".

قال الحافظ في الفتح:" وفي رواية الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة وابن أبي عمر جميعاً عن سفيان بن عيينة: فما له خرج من الحرم ..

قال سفيان: الحمس يعني قريشاً وكانت لا تتجاوز الحرم ويقولون نحن أهل الله لا نخرج من الحرم. وكان سائر الناس يقفون بعرفة ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير