تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فثبت أن مراد عطاء وغيره بالمأزمين إنما هو المضيق مضيق الوادي الفاصل بين عرفات ومزدلفة وليس هو من مزدلفة كما أنه ليس من عرفات.

ثانياً:" أن في نص عطاء السابق وغيره إضافة المأزمين إلى عرفة"مأزمي عرفة" وهذه الإضافة لأن المأزمين متصلان بها فصح إضافته إليها ولا متصل بعرفة إلا مضيق الوادي وادي عرنة وهو المأزمان لذلك نبه النبي صلى الله عليه وسلم ليرفعوا عن بطن عرنة لشدة قربه ولصوقه بعرفة فقد يظن الظان أنه منهما.

ثالثاً: مما يؤكد ذلك أنه لو كان المراد بالمأزمين الجبلين المسميين بالأخشبين لكان الأجدر تسميتهما "بمأزمي مزدلفة" لا مأزمي عرفة ذلك لبعدهما عن عرفة والتصاقهما جداً بالمزدلفة، بل إن طرفاهما الغربيان داخل مزدلفة حسب الحدود الحالية.

رابعاً: إن جعل المأزمين هما الجبلان المسميان بالأخشبين وأن حدود مزدلفة تبدأ من مفضاهما وطرفاهما غرباً سيحرم الحجيج من مسافة كبيرة جداً هي من المشعر الحرام قطعاً كما مر وهي مسافة تقدر اليوم بنحو سبعة كيلو متر في بعض الجهات. تبقى هذه المساحة الكبيرة مهدرة ميتة هكذا بلا حجة ولا برهان.

خامساً: ومما يؤكد هذا أن في النص الثاني للإمام عطاء حد حدود مزدلفة من الغرب إلى الشرق فحدها من فوق وادي مُحسر غرباً واتجه شرقاً "فقال له القائل إلى قزح.

فقال: وما وراء ذلك هو المشعر الحرام" فشرقاً تستمر المزدلفة ما دام أننا في الحرم إلى الوادي المضيق الفاصل بين عرفة والمشعر الحرام. والله أعلم.

سادساً: قال مؤرخ مكة أبو الوليد الأزرقي:" ومن نمرة وهو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من مأزمي عرفة تريد الموقف، وتحت جبل نمرة، نمارٌ أربع أذرع في خمس أذرع".

في هذا النص واضح أن مأزمي عرفة قريب جداً من عرفة وهو محاذي لجبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم الدالة على بداية منطقة الحرم.

ثالثاً: أقوال العلماء والفقهاء رحمهم الله: -

وهي بحمد الله كثيرة تدل على المقصود وسأنقل في هذا البحث ما تيسر منها.

1 – قال الإمام المفسر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله:"فأما المشعر فإنه هو ما بين جبلي المزدلفة من مأزمي عرفة إلى محسر وليس مأزما عرفة من المشعر".

وقد بينا لك المراد بالمأزمين قبل.

2 – قال الإمام الفقيه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي رحمه الله: "وللمزدلفة ثلاثة أسماء: مزدلفة والمشعر وجمع. وحدها من مأزمي عرفة إلى قرن محسر وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب ففي أي موضع وقف منها أجزأه ... وليس وادي محسر من مزدلفة".

فكل الشعاب والوهاد والجبال من مأزمي عرفة إلى محسر طولاً وعرضاً كلها مزدلفة صالحة للوقوف بها ولم ير الفقيه أبو محمد من مكان يستثنى إلا بطن محسر – وهو وادي صغير جداً وضيق جداً – ولو كانت هذه المسافة الشاسعة من عرفة إلى حدود مزدلفة الموضوعة اليوم ليست من مزدلفة لكانت أولى بالتنبيه عليها من وادي محسر الضيق جداً.

3 – قال الإمام محي الدين يحيى بن شرف النووي الشافعي رحمه الله:"واعلم أن المزدلفة كلها من الحرم. قال الأزرقي في تاريخ مكة والبندنيجي والماوردي صاحب الحاوي في كتابه الأحكام السلطانية وغيرهما من أصحابنا وغيرهم: حد المزدلفة ما بين وادي محسر ومأزمي عرفة وليس الحدان منها. ويدخل في المزدلفة جميع تلك الشعاب القوافل والظواهر والجبال الداخلة في الحد المذكور ... ووادي محسر موضع فاصل بين منى ومزدلفة ليس من واحدة منهما".

فتأمل قوله مزدلفة كلها من الحرم وقد علمنا أن الحرم يبدأ من بعد عرفات مباشرة، وتأمل كيف أنه يجعل كل الشعاب والجبال المتصلة بذلك منها. ولم يستثن سوى وادي محسر فقط فليس هو بمشعر لا من مزدلفة ولا من منى.

4 – شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله:

قال:"ومزدلفة كلها يقال لها المشعر الحرام وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسر. فإن بين كل مشعرين جداً ليس منهما: فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسر. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن محسر، ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها طريق".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير