تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[01 - 12 - 07, 03:43 ص]ـ

استدلال الشيخ الحميدي بأثر عائشة رضي الله عنها في شأن الحمس

قال الإمام الترمذي:حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت

كانت قريش ومن كان على دينها وهم الحمس يقفون بالمزدلفة يقولون نحن قطين الله وكان من سواهم يقفون بعرفة فأنزل الله تعالى

{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.

قال ومعنى هذا الحديث أن أهل مكة كانوا لا يخرجون من الحرم وعرفة خارج من الحرم وأهل مكة كانوا يقفون بالمزدلفة ويقولون نحن قطين الله يعني سكان الله ومن سوى أهل مكة كانوا يقفون بعرفات فأنزل الله تعالى

{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}

والحمس هم أهل الحرم.

قال الشيخ الحميدي: وفيه مافي حديث جبير بن مطعم السابق.

ثم ذكر أثرا عن مجاهد وعن الربيع بن خثيم كذلك في أن الحمس يقفون في الحرم ولايخرجون منه ويفيضون من المزدلفة.

ثم قال الشيخ بعدها (ووجه الدلالة من حديث عائشة والآثار التي بعده: أن الصحابة والتابعين وقريشا والعرب يطلقون مزدلفة ويريدون بها منطقة الحرم كلها إلى آخر حدود الحرم مما يلي عرفات وهو جبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم، الذي على وادي عرنة الفاصل بين مزدلفة وعرفة).


وقد سبق شيء من الكلام على ما ذكره الشيخ الحميدي في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه، وحاصله أن الحمس كانوا لايخرجون من حدود الحرم أثناء أداء مناسكهم، وهذا لايعني أن مزدلفة تبدأ من بداية حدود الحرم من جهة عرفة، فقد سبق ذكر بعض الأدلة على بعد المسافة بين عرفة ومزدلفة، وسيأتي بعضها كذلك إن شاء الله تعالى.
فكونهم لايتجاوزن حدود الحرم لايدل على أن كل الحرم مزدلفة.

جاء في أخبار مكة للأزرقي (1/ 189)
(فتقف الحلة على الموقف من عرفة عشية عرفة وتقف الحمس على أنصاب الحرم من نمرة فإذا دفع الناس من عرفة وأفاضوا أفاضت الحمس من أنصاب الحرم وأفاضت الحلة من عرفة حتى يلتقوا بمزدلفة جميعا وكانوا يدفعون من عرفة إذا طفلت الشمس للغروب وكانت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم فإذا كان هذا الوقف دفعت الحلة من عرفة ودفعت معها الحمس من أنصاب الحرم حتى يأتوا جميعا مزدلفة فيبيتون بها حتى إذا كان في الغلس وقفت الحلة والحمس على قزح فلا يزالون عليه حتى إذا طلعت الشمس وصارت على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم دفعوا من مزدلفة وكانوا يقولون أشرق ثبير كيما نير أي أشرق بالشمس حتى ندفع من المزدلفة فأنزل الله في الحمس ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس يعني من عرفة والناس الذين كانوا يدفعون منها أهل اليمن وربيعة وتميم).

فهنا يبين الأزرقي أن الحمس كانوا يفيضون من حدود الحرم من خارج مزدلفة ثم يلتقون هم وبقية الناس في مزدلفة خلافا لما ذهب إليه الشيخ الحميدي! ويدل كذلك أن الأزرقي يرى أن مزدلفة لاتبدأ من حدود الحرم.
والعجب أن الشيخ الحميدي لم ينقل هذا الكلام عن الأزرقي بل ذكر عن الأزرقي ما يلي:

وقال أبو الوليد الأزرقي مؤرخ مكة: ((فتنزل الحمس)) أطرافا من نمرة يوم عرفة، وتنزل الحلة عرفة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ..... لايقف مع قريش والحمس في طرف الحرم، وكان يقف مع الناس بعرفة) (أخبار مكة (1/ 210).

ثم قال الشيخ ((فثبت المقصود وهو أن مزدلفة ممتدة امتداد منطقة الحرم إلى نهايته مما يلي عرفات وهو جبل نمرة الذي عليه أنصاب الحرم، تأمل هذا تجده بحمد الله واضحا

ومما يرد على الشيخ استدلاله ما سبق في كلام الأزرقي، وكذلك مما يرد على الشيخ استدلاله أن أحدا لم يذكر ممن كتب عن حدود الحرم أن حد الحرم مزدلفة من جهة عرفة، وهذا وحده يسقط استدلال الشيخ وكلامه في الرسالة، فقد صنف العلماء في حدود الحرم وذكروها في كتبهم وفصلوا في ذلك وأطالوا، ولم أجد من حد حدود الحرم بمزدلفة!
فكيف يغيب عن هؤلاء العلماء على امتداد الأزمان أن حد الحرم من الجهة الشرقية مزدلفة ثم يظهر ذلك لأحد المتأخرين في هذا العصر.

وكذلك لم نجد من العلماء من حد مزدلفة بأنها تبدأ من أول حدود الحرم من جهة عرفة، فهذه كتب العلماء والفقهاء وغيرهم ليس فيها حرفا واحدا من ذلك.

تأمل هذا الحديث عن جابر في صحيح مسلم

ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.

والمقصود بالحبال الجبال الضغيرة

فهذه الحبال موجودة في طريق المأزمين بين مزدلفة وعرفة، فلو تأملنا هذا الحديث لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على حبال متعددة، وهذا لايوجد في الطريق من عرفة إلى بداية الحرم، بل هي بعد حدود الحرم على طريق المأزمين، فتبين بهذا عدم صحة استدلال الشيخ الحميدي على بداية حدود مزدلفة.

جاء في (تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق) لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي الحنفي (المتوفى: 743هـ

ومن عرفات إلى المزدلفة فرسخ ومن المزدلفة إلى منى فرسخ ومن منى إلى مكة فرسخ والفرسخ ثلاثة أميال. انتهى.

وفي معجم لغة الفقهاء الفرسخ 3 أميال = 1200 ذراعا = 5544 مترا

يعنى قرابة خمسة كيلو متر ونصف الكيلو.

وهذا يدل على خلاف ما ذهب إليه الشيخ حفظه الله من كونها لاتبعد إلا نحونصف الكيلو متر.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير