تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشرح] قالت رَضِيَ اللهُ عَنْها: (عَلَى اَلنِّسَاءِ جِهَادٌ?) هـ?ذه الجملة لفظها لفظ الخبر؛ ولكن المراد بها الإنشاء؛ أي أنها على تقدير الهمزة، فيكون التقدير أعلى النساء جهاد؟ وحذف حرف الهمزة من الجملة المستفهم بها كثير في اللغة العربية، ومنه قوله تَعَالى?: ?أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ (21) ? [الأنبياء:21]، ?هُمْ يُنشِرُونَ? هـ?ذه جملة خبرية في لفظها لكنها استفهامية، حذفت منها الهمزة والتقدير: أهم ينشرون، يعني أهذه الآلهة تقدر على نشر الأموات وإحيائهم؟ والجواب: لا.

وقولها: (جِهَادٌ) الجهاد مصدر جاهد يجاهد، والجهاد هو بذل الجهد وهو الطاقة في قتال الأعداء، وإن شئنا عرّفناه بمعنى أعم، فقلنا: بذل الجهد لإعلاء كلمة الله، ليشمل الجهاد بالقتال والجهاد بالعلم، لأن بيان الحق بالعلم جهاد بلا شك، وعلى هـ?ذا فنقول الجهاد في الشرع هو بذل الجهد لإعلاء كلمة الله، فيشمل القتال بالسلاح ويشمل البيان بالعلم.

وقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((نَعَمْ)) سبق لنا أن قلنا أن كلمة نعم حرف جواب، والجواب يكون بإعادة السؤال، ولهذا يكون السؤال معاد في الجواب، فإذا قال نعم، فالتقدير: عليهن جهاد، ولكن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أن هـ?ذا الجهاد ليس هو الجهاد الذي فيه قتال قال: ((جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ))؛ لأنه ليس هناك عدو يقاتل وتقاتله لكن الحج نوع من الجهاد؛ لأن فيه المشقة والتعب لا على الرجال ولا على النساء، وفيه أيضا شيء من بذل المال لكن سبق لنا أن بذل المال ليس بشرط أو ليس بركن في الحج.

قال: ((اَلْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ)) محلها من الإعراب الحج والعمرة؟ خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو الحج والعمرة.

ففي هـ?ذا الحديث من الفوائد:

أولا حرص الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم عن السؤال عن العلم؛ لأن عائشة سألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل على النساء جهاد؟

ومنها أن الجهاد من أفضل الأعمال ولهذا طلبت عائشة من النبي أو سألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل عليهن جهاد أم لا؟

ولاشك أن الجهاد من أفضل الأعمال بل إن الله تَعَالى? قال فيه: ?إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ? [التوبة:111].

ومن فوائد الحديث أن الحج والعمرة واجبان؛ لأن كلمة (عَلَى) ظاهرة في الوجوب، فإن قلت: عليك كذا المعنى أنه لازم عليك وواجب عليك، هبي ليست صريحة بالوجوب لكنها ظاهرة فيه ولهذا ذكر أهل أصول الفقه أن كلمة (عليك كذا) ظاهرة في الوجوب، أي أنها من صيغ الوجوب، لكنها ليست صريحة.

ومن فوائد الحديث أن الجواب إذا كان يحتاج إلى زيادة قيد وجب على المجيب أن يذكر هـ?ذا القيد؛ لأنه قال: ((عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ)) لو قال: عليهن جهاد وسكت لكان هناك إشكال.

ومن فوائد الحديث أيضا فضيلة الحج والعمرة حيث جعلهما من الجهاد.

من فوائد الحديث الإشارة إلى ما سيلاقيه الحاج والمعتمر من التعب والعناء، وكان الناس فيما سبق يجدون من التعب والعناء في الوصول إلى البيت؛ لأنهم يذهبون على الإبل والمدة طويلة وربما يمشون كثيرا في المسير، وربّما يكون خوف، ولكنهم لا يجدون صعوبة في أداء المناسك لأن المشاعر في ذلك الوقت كانت خفيفة ليس بها أحد إلا قليلا، أما الآن فكان الأمر بالعكس الوصول إلى مكة سهل والحمد لله؛ لكن أداء المناسك هو الصعب، لأنّ الناس كثروا وكان فيهم العربي والعجمي والعالم والجاهل والأحمق والسفيه، لهـ?ذا تجد الحج مع الأسف الآن تجد أنّ الإنسان لا يقدم عليه إلا وهو قد تقلد كفنه كما يقول الناس، من صعوبته وشدته، ولا يخفى عليكم ما يحصل من الزّحام الذي يؤدي إلى القتل والموت، ولهذا نقول: إنه نوع من الجهاد في سبيل الله.

لو قال قائل: هل يدل الحديث على أن الاكتفاء بنعم في الجواب؟ لا يدل لأنه أعاد السؤال، قال: ((عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لا قِتَالَ فِيهِ)) ولكن لعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعاد الجواب من أجل الخير، وإلاّ لاكتفى بقوله: نعم.

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 02:44 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير