تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عليه، فلما قال: ((رَسُولُ اَللَّهِ)) وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المعلم لأمته (فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ اِمْرَأَةٌ صَبِيًّا. فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ? قَالَ: ((نَعَمْ: وَلَكِ أَجْرٌ)))، يقول: ((نَعَمْ)) ما هو التقدير؟ له حج، ((وَلَكِ أَجْرٌ)) لم يأت السؤال عنها، لكن من عادة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يجيب بأكثر مما سئل إذا دعت الحاجة إلى ذلك كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سئل عن ماء البحر قال: ((هو الطهور ماؤه الحل ميتته)) مع أنه ما سئل عن الميتة ولما كان راكب البحر قد يحتاج للحيتان ويجده ميتة أخبره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو زاده أمرا لم يسأل عنه هو حِلِّ ميتة البحر.

هـ?ذا الحديث يستفاد منه فوائد:

أولا أنه ينبغي للإنسان أن يسأل عن من لقيهم إذا كان يخاف أن يكونوا أعداء، دليل ذلك سؤال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنِ اَلْقَوْمُ?)).

ثانيا أنه ينبغي للإنسان أن يكون يقظا يأخذ حذره لا يحسن الظن بكل أحد؛ لأنه ليس كل أحد على ما يظهر من حاله، فأنت احذر، ولهذا يقال: احترسوا من الناس بسوء الظن، وليس هـ?ذا على إطلاقه؛ بل إذا دلت القرينة على أنه محل سوء الظن أما إذا علمت سريرته وظاهره فلا ينبغي أن تسيء الظن بأحد.

الثالث فيه دليل على أن الإنسان يجيب بحسب ما يظنه من مراد السائل لا بحسب ما يتبادر من لفظه؛ لأن ه?ؤلاء الذين سئلوا قالوا: المسلمون. وكان من المتوقع أن يقولوا: نحن من تميم، نحن من خزاعة، نحن من بني هاشم، نحن من كذا نحن من كذا هـ?ذا هو المتبادر؛ لأن القوم هم حاشية الناس وأقاربهم؛ ولكنهم قالوا: نحن المسلمون، لأنهم فهموا أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يريد أن يعرف أنسابهم وإنما أديانهم ليطمئن إليهم.

وفيه أيضا دليل على أنه إذا سألك سائل عن نفسك فاسأله أنت؛ لكن هل الأولى أن تجيبه أو تسأله قبل إجابته؟ ينظر في الموضوع، إن خفت أن هـ?ذا الرجل يسألك ثم يعلم من أنت ثم لا يعطيك الخبر عن نفسه فالأولى أن تسأله أولا، إن قال: من أنت؟ تقول: وأنت من أنت؟ أو تحاول أن تأتي بتورية، إذا قال: من أنت؟ تقول: من بني آدم، إن قال: من أنت؟ تقول: أنا عبد الله، طيب أبوك؟ عبد الرحمـ?ن، قبيلتك؟ عَبيد الله، لأنه أحيانا بعض الناس يسألك لا يمكنك أن يعرفك بنفسه، فيأخذ ما عندك ولا يعطي ما عنده.

وفيه أيضا من فوائد الحديث حرص الصحابة على السؤال؛ لأنهم لما علموا أنه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بادروا بالسؤال عما يجهلون من أحكام دينهم، فقالوا: ألهذا حج؟

وفيه دليل على أن صوت المرأة ليس بعورة؛ لأنها رفعت صوتها، والناس يسمعون من جملتهم ابن عباس، فرفعت صوتها قالت: ألهذا حج؟ ومعلوم أن صوت المرأة ليس بعورة؛ ولكن إن خيف الفتنة في التخاطب وجب الكف، أما خضوع المرأة بالقول ولينها بالقول وخفضها نفسها فهـ?ذا محرّم؛ لا لأنه قول لأنه خضوع، لهـ?ذا قال الله تَعَالى?: ?فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا (32) ? [الأحزاب:32]، لم يقل: لا تتكلمن.

وفيه أيضا من فوائد الحديث أن الصغير لا يجب عليه الحج؛ لأنها قالت: (أَلِهَذَا) ولم تقل أعلى هـ?ذا، وبينهما فرق لأن لهذا حج، يعني أنه يقبل منه ويصح، أعليه، أفرض عليه حج.

وفيه دليل أيضا على الاكتفاء بنعم في لجواب لقوله: قال: ((نعم) وهل يشابهها ما كان بمعناها كما لو قال: إيه؟ على كل حال ما كان بمعناها فهو مثلها؛ لأننا لا نتعبد بهـ?ذه الألفاظ، هـ?ذه ألفاظ وُضعت أدوات دالة على المعنى، فبأي لفظ حصل المعنى حصل المقصود، لو أنه قيل للرجل أطلقت امرأتك قال: نعم. تطلق، أعتقت عبدك؟ قال: نعم، وقفت مالك قال: نعم، يكون وقفا.

ومن فوائد هـ?ذا الحديث أن الصبي إذا أحرم بالحج لزمه ما لزم البالغ من أحكام الحج، وجه الدلالة أنه إذا أسس له الحج ثبت للحج محظوراته وأحكامه، فإذا كان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثبت الحج معناه أن أحكام الحج تترتب على هـ?ذا الحج.

ولكن هل يلزمه المضي فيه أو لا؟ في هـ?ذا للعلماء قولان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير