تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ) تناديه بهـ?ذا الوصف الذي هو أفضل أوصاف الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أفضل أوصافه أن يكون عبدا رسولا (فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ .. إلخ) قولها رَضِيَ اللهُ عَنْها: (إِنَّ فَرِيضَةَ اَللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي اَلْحَجِّ) وأقرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ذلك يدل على أنّ الفريضة كانت متأخرة (أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا, لا يَثْبُتُ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ) يعني لا يستطيع أن يبقى على الراحلة؛ لأنه كبير، والكبير عادة تلحقه المشقة بسرعة، هـ?ذا إذا تمكن من الركوب، وإلا فقد لا يتمكن أصلا.

تقول: (أَفَأَحُجُّ عَنْهُ?) حج الفريضة أو النافلة؟ الفريضة، (قَالَ: ((نَعَمْ))) يعني حجي عنه، (وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ) يعني ذكر هـ?ذا ليفيد أن هـ?ذا الحكم متأخر لئلا يقول قائل: لعله في أول الإسلام فيكون منسوخا أو ما أشبه ذلك.

هـ?ذا الحديث كما ترون فيه عدة فوائد مهمة:

منها جواز الإرداف على الدابة، ولو كان الإرداف حراما ما أردفه؛ ولكن يشترط لذلك أن تكون الدابة قوية وقادرة على تحمل الرديف، فإن كانت هزيلة ضعيفة والإرداف يشق عليها، فإن ذلك لا يجوز، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء)

ومن فوائد الحديث تواضع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أردف الفضل ابن عباس دون أشراف القوم، وأردف -كما ذكرت- قبل قليل أردف في دفعه من عرفة إلى المزدلفة أسامة بن زيد.

ومن فوائد الحديث أنّ الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم من أحرص الناس على طلب العلم ذكورهم وإناثهم، لقوله: (فَجَاءَتِ اِمْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ) فسألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومنها أن طلب العلم لا يختصّ بالرجال، فكما أن الرجل يُشرع له طلب العلم؛ بل يتعين عليه ذا كانت عبادته لا تقوم إلا به فإنه يتعين عليه، فكذلك المرأة ولا فرق.

من فوائد الحديث عدم جواز نظر الرجل إلى المرأة، كما استدل به النووي وغيره من أهل العلم وأنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة، الدليل: صرف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجه الفضل إلى الشِّق الآخر. وهل هـ?ذا عام، يعني لا يجوز أن ينظر إلى المرأة لا لشهوة ولا لغير شهوة؟

هل هـ?ذا الحديث يدل على العموم؟ قد يقول قائل: إن هنا شيئين تعارضا: ظاهر وأصل.

الظاهر: هو أن الفضل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان ينظر إليها وتنظر إليه، وهـ?ذا يدل على شيء في النفس ورغبة، وإلا لما جعل ينظر إليها والرسول يصرف وجهه، هـ?ذا ظاهر.

وهنا أصل يُبْعد هـ?ذا الظاهر وهو زكاء الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ولاسيّما في مثل هـ?ذه الحال وهو محرم فإنه يبعد جدا أن ينظر إليها نظر شهوة.

فأيهما نقدِّم؟ أنقدّم الظاهر أم نقدّم الأصل؟ الأصل، إذا قلنا بذلك لزم منه أنّ الرجل إذا رأى امرأة كاشفة الوجه وجب عليه أن يُعرض. وهو كذلك، فإذا رأى امرأة كاشفة الوجه وجب عليه أن يعرض؛ ولكن هل ينكر عليها أو لا ينكر؟ إذا كانت في السّوق فلا شك أنه يجب عليه الإنكار، وكذلك أيضا إذا كانت في مكان يطّلع عليه هـ?ذا الرّجل كما لو كانت في البيت عند زوجها وأخ زوجها فإنه يجب الإنكار عليها إذا كانت كاشفة الوجه.

هل يستفاد من هـ?ذا الحديث جواز كشف المرأة وجهها أما الرجال الأجانب؟ يعني يمكن أن نقول: لا دليل فيه، ليش؟ لأن فيه احتمالا كبيرا أنه لم يحضرها إلا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفضل بن عباس، قد يكون هي تمشي وليس حولها أحد إلا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ والفضل بن عباس، وكان ابن عباس ولكن بن عباس لا يلزم أنه يرى وجهها قد يكون خلفها، الكلام على الفضل، إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال.

لكن قد يقول لك قائل: هـ?ذا الاحتمال قائم أنه ليس حولها إلا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفضل؛ لكنه بعيد، لأن الغالب أنّ الصحابة يلتفّون حول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني يكاد الإنسان يجزم بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمكن أن يمشي وحده في هـ?ذا المكان، فما الجواب على هـ?ذا؟

فيه احتمال أنه لم يرَ وجهها، وأنه ينظر إلى جسمها كما قلنا في الشّرح الأول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير