تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المهم أن الحديث فيه احتمالات لاشك، فيه احتمال أنها كاشفة الوجه وأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أقرها، وكونها محرمة لا يبرر لها أن تكشف وجهها أمام الأجانب؛ لأن حديث عائشة يدل على أن المرأة المحرمة يجب أن تستر وجهها إذا مر بها الرجال الأجانب.

فالحديث في الحقيقة فيه احتمال؛ ولكنّ القاعدة المعروفة عند أهل العلم جميعا أنه إذا كان النص مشتبهة محتملا لوجهين، وكان ثمة نصوص أخرى واضحة فإن الواجب حمل المشتبه على الواضح.

وقد صرّح الله عز وجل في أن في القرآن آيات متشابهات، وبيّن أن المحكمات هن أم الكتاب، والأم مرجع الشيء، كما نقول: أم القرآن لأنها مرجع القرآن، وكما قيل: على رأسه أم له نقتدي بها؛ يعني نرجع إليها.

فتكون النصوص المحكمة هي الأم، ويجب رد المشتبه إلى المحكم، حتى يكون الشيء محكما.

فإن قلت: ما هي الحكمة بأن تأتي النصوص بمثل هـ?ذا الاشتباه؟ وهل هـ?ذا إلا من باب الاشقاق على العباد والاعنات عليهم؟

فالجواب على هـ?ذا أن نقول: بل هـ?ذا من حكمة الله عز وجل وامتحانه العباد؛ لأن الذين في قلوبهم زيغ، ويريدون أن يضربوا شرع الله بعضه ببعض يتبعون المتشابه، والمؤمنون الراسخون في العلم لا يفعلون هـ?ذا يقولون آمنا به، وهـ?ذا من باب الاختبار والامتحان، وكما يكون هـ?ذا في الآيات الشرعية يكون أيضا في الآيات الكونية، تأتي أمور من الآيات الكونية يخفى على المرء الحكمة فيها، فيقول: لماذا كان كذا؟ ليبتلي الله العباد هل يسلّمون لقضائه وقدره أو يعترضون. قد يوجد طيب حبيب ذو أصل وشرف ومروءة يبتلى بآفات بدنية أو بفقر، ويوجد آخر على عكس من ذلك قد أعطاه الله الصحة في جسمه والغنى في ماله، ربما يقول قائل قاصر النظر: لماذا هـ?ذا يعطى هـ?ذا المال وهـ?ذه القوة وهو رجل ليس له شرف وجاه ومروءة والثاني بالعكس.

المهم موقفنا من هـ?ذا الرضا والتسليم، فنقول: ?لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23) ? [الأنبياء:23]، ربما يحصل لإنسان شلل ويبقى مُتْعِبًا لأهله وتعبان هو، يقول قائل: ليش الله يصيبه الله بهـ?ذا البلاء، ولماذا لم يُمِتْهُ الله عز وجل فيريحه ويريح الناس منه؟ هـ?ذا أيضا من الاختبار؛ يعني قد تخفى الحكمة عنا حتى في الأمور الكونية اختبارا من الله عز وجل وابتلاء، وموقف المؤمن من هـ?ذا أن يرضى ويسلّم ويعلم أن الله عز وجل له الحكمة فيما فعل، ويقرأ قول الله تَعَالى?: ?لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ?.

إذن فهمنا أن هـ?ذا الحديث وإن كان فيه احتمال أنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب فإن فيه احتمال أن ذلك لم يكن، وإذا لم يكن لم يثبت المدلول، ومع الاحتمال يسقط الاستدلال.

ثم على فرض أن الحديث هـ?ذا نص في الجواز، ما فيه احتمال لا يجوز، فإن غاية ما فيه أن يقال: إنه بالنسبة للمحرمة مشروع ومأمورة به؛ لكن في غير المحرمة من يقول: إنه جائز.

ثم على فرض أن نقول: إنه لو كان حراما كشف الوجه لوجب على المحرمة تغطيته لئلا تنتهك المحرم وهي في حال الإحرام، والله يقول: ?فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ? [البقرة:197].

فنقول: غاية ما فيه أن يدل على الجواز، والقاعدة الشرعية أن الجائز إذا أفضى إلى الشر والفتنة يجب منعه، ولا يخفى على أحد الآن أن كشف النساء وجوههن فتنة ومدعاة للشر والفساد، وأن النساء إذا رُخِّص لهن في كشف الوجه لم يختصرن على ذلك، إذهب إلى البلاد التي يرخص فيه بكشف الوجه وانظر ما يحصل: الوجه والرأس والصدر والسيقان .. المهم ما اقتصرن على ما رخص لهن فيه.

ولهذا قال بعض العلماء: إنه بالاتفاق يجب عليهن الآن

يستفاد من الحديث جواز كشف المرأة وجهها عند غير المحارم، ذكرنا هـ?ذا، استدل به بعض العلماء، ورددنا هـ?ذه الفائدة، بأنها غير مسلمة لأنه يرد عليها الاحتمال، وما ورد عليه الاحتمال سقط به الاستدلال.

من فوائد الحديث وجوب تغيير المنكر أو مشروعية تغيير المنكر باليد؛ (وَجَعَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْرِفُ وَجْهَ اَلْفَضْلِ إِلَى اَلشِّقِّ اَلآخَرِ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير