تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما على الاحتمال الثاني فليس فيه دليل؛ ولكن نقول: إن حكم هـ?ذه المسألة أن النذر يجب قضاؤه على الفور لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((من نذر أن يطيع الله فليطعه)) الفاء رابطة للجواب والجواب مرتبط بالشرط، والأصل في الواجبات كلها أن تفعل على الفور، فالصحيح أنّ النذر يجب قضاؤه على الفور ما لم يقيد، فإن قيد فعلى ما قيد به.

ومن فوائد الحديث حرص الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم على السؤال؛ لأن هـ?ذه المرأة جاءت تستفتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومن فوائد الحديث أنه يجوز أن يعاد السؤال مع الحرف المفيد له، لقوله: ((نَعَمْ, حُجِّي عَنْهَا)).

ومن فوائد الحديث إثبات القياس حيث قاس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نذرها على الدين الذي يقضى.

ومنها حسن تعليم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك بضرب المثل، المثل بحيث يبين المعقول بالمحسوس.

ومن الفوائد أنه ينبغي للإنسان أن يسلك هـ?ذا المسلك في تعليم الناس؛ لأن من الناس من لا يستطيع أن يفهم المعنى إلا بضرب المثل.

ومنها أن لله تَعَالى? على خلقه واجبا كقوله: (اِقْضُوا اَللَّهَ) ولاشك أن لله على خلقه واجبا؛ حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، لابد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا.

ومن فوائد الحديث أنه إذا تزاحم حق الله وحق الآدمي قُدِّم حق لله لقوله: ((فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ)) و (أحق) اسم تفضيل؛ ولكن قد ينازع في هـ?ذا الحكم والاستدلال له.

أما بالحكم فينازع بأن يقال: كيف نقدم حق الله على حق الآدمي، والمعروف أن حق الآدمي مبني على المشاحة، وعدم السماح والعفو، وحق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? مبني على العفو والمسامحة، وكيف نقول: إن حق الله أولى أن يقضى؟

وأما في الاستدلال فنقول: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعل هـ?ذا من باب قياس الأولى؛ بمعنى أنه إذا جاز هـ?ذا، فهـ?ذا أولى، يعني إذا جاز وفاء دين المخلوق فوفاء دين الله من باب أولى، وهـ?ذا لا يقتضي أنهما إذا اجتمعا قُدِّم حق الله.

فإنْ قلت كيف يمكن اجتماعهما؟ فالجواب: ممكن، هـ?ذا رجل توفي وخلّف ألف درهم وكان عليه لزيد ألف دينا، وعليه لله ألف زكاة، فعليه ألفان، والرجل خلف ألفا، إن قضينا دين الآدمي أهملنا الزكاة، وإن قضينا الزكاة أهملنا دين الآدمي، فماذا نصنع؟

نقول: يتحاصان بالسوية، وكيفية المحاصة أن نقول، أنسب الموجود إلى المطلوب الموجود ألف والمطلوب ألفان، نسبة الألف إلى الألفين النصف فنعطي الزكاة خمسمائة ودين الآدمي خمسمائة.

فإن أسقط الآدمي حقه تكون للزكاة، أما إذا أخذه ثم أعطاه للورثة فهو للورثة، أما إذا قال: تنازلت عنه للورثة فإنه يكون للورثة، أما إذا قال: تنازلت عنه، فمعناه أنه أبرأ الميت منه، ويكون للزكاة، هـ?ذا هو الظاهر؛ لأن الاشتراك هنا اشتراك تزاحم، يعني اشتراك الزكاة وصاحب الحق في الألف اشتراك تزاحم، فإذا زال الزحام بقي الثاني منفردا.

وقد يقول قائل: إن المال انتقل إلى الورثة صار لهم الألف ثم توفى الزكاة خمسمائة لأنه نصيبها، وإذا أسقط الطالب حقه رجع للورثة، لكن نقول: لا، هـ?ذا من باب اشتراك التزاحم، فإذا زال الزحام، ثبت للواحد.

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[20 - 11 - 07, 06:43 م]ـ

[الحديث الثامن]

وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ, ثُمَّ بَلَغَ اَلْحِنْثَ, فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى, وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ, ثُمَّ أُعْتِقَ, فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةً أُخْرَى)) رَوَاهُ اِبْنُ أَبِي شَيْبَةَ, وَالْبَيْهَقِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ, إِلاَّ أَنَّهُ اِخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ, وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ.

[الشرح]

فإن جعل مرفوعا صار حجة؛ لأنه منسوب إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن جعل موقوفا ليس بحجة؛ لأن هـ?ذا مما للرأي فيه مجال ولا يثبت له حكم الرفع، فيبقى رأي ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما.

ورأي الصحابي اختلف العلماء فيه هل هو حجة أم ليس بحجة؟ والصحيح أنه حجة ولاسيما الصحابة المعروفون بالعلم والفقه؛ لكنه حجة بشرطين:

• أن لا يخالف النص.

• وأن لا يعارضه قول صحابي آخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير