تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:49 م]ـ

[الحديث التاسع]

وَعَنْهُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ, وَلا تُسَافِرُ اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ)) فَقَامَ رَجُلٌ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ اِمْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً, وَإِنِّي اِكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

[الشرح]

وعن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: (سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ)، كلمة (يَخْطُبُ) يحتمل أن تكون هـ?ذه الخطبة على المنبر، ويحتمل أن تكون من سائر خطبه العوارض؛ لأن خطب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قسمين:

قسم عارض يخطبه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند وجود حادثة تقتضيه.

وقسم راتب كخطب الجمعة وخطب العيدين، وهـ?ذا محتمل.

ولكن لا يهمنا أن يكون هنا أو هنا؛ لأن المقصود أن يكون الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلن الحكم على المنبر، وهـ?ذا يدل على أهمية الحكم ووجوب العناية به.

جملة (يَقُولُ) حال لفاعل (يَخْطُبُ)، وجملة (يَخْطُبُ) حال من (رَسُولَ اَللَّهِ) من كلمة (رَسُولَ)، (سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ يَخْطُبُ يَقُولُ) وذلك لأن سمع لا بد له مفعولين، لا من أفعال الظن ولا من أفعال اليقين تقبل مفعولا واحدا فقط.

قال: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ)) نعرف أن الفعل (يَخْلُوَنَّ) مؤكد بنون التوكيد، فتكون الجملة هنا هي نهي تكون مؤكدة بالنون (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ)، الرجل هو البالغ بخلاف الذكر فإنه يطلق على البالغ والصغير، (اِمْرَأَةٍ) تطلق على الأنثى إذا بلغت، (إِلاَّ وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) جملة (مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) مبتدأ خبر وهي في محل نصب على الحال بدليل تقدم واو الحال، المحرم زوجها وكل من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح، وإن شئت فقل بنسب أو رضاع أو مصاهرة هـ?ذا المحرم.

والمحرمات من النسب سبع، ومن الرضاع مثلهن، ومن الصهر أربع:

المحرمات من النسب ذكرهن الله في قوله: ?حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ? [النساء:23]، هـ?ذه سبع.

من الرضاع مثلهن لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يحرم من الرضاع ما حرم من النسب)) فتحرم الأم من الرضاع والبنت والأخت العمة والخالة وبنت الأخ وبنت الأخت. هـ?ذه سبع.

ومن الصهر: أم الزوجة وإن علت، وبنتها وإن نزلت، وزوجة الابن وإن نزل، وزوجة الأب وإن علا، أربع.

أما أخت الزوجة فإن الزوج ليس محرما لها؛ لأنها لا تحرم على التأبيد إنما يحرم الجمع بينها وبين أختها.

الملاعن محرم على التأبيد، ليس بسبب مباح، فليس محرما.

يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) كلمة (رَجُلٌ) نكرة في سياق النهي، وامرأة نكرة في سياق النهي، مع أنه يجوز أن تقول: نفيا لأن الفعل هنا مبني، ما يتغير سواء كان لا هنا نافية أو ناهية، مبني لاتصال نون التوكيد به، على كلٍّ (رجل) عام يشمل الشاب والكهل والشيخ وذا الشهوة ومن لا شهوة له، (امرأة) تشمل الشابة والكهلة والعجوز والقبيحة والحسناء.

إذا قال قائل: ما هي الحكمة من ذلك؟ الحكمة أن الشيطان يدخل بينهما فيسوس للرجل ويوسوس للمرأة وتحصل الفاحشة، ولا تحقرن شيئا؛ لا تقل هـ?ذه امرأة عجوز وهـ?ذا شيخ كبير؛ لأن الشيطان قد يؤزهم، ولهذا يوجد بعض الناس مع أهله شهوته ضعيفة لكن مع غير أهله شهوته قوية، يمكن لو يكلم امرأة أجنبية مجرد كلام تحركت شهوته لكن مع أهله كل شيء تفعل فيه ما تحرك ساكنا؛ لأن الشيطان يحرك الإنسان، فالمرأة ولو كانت عجوزا فإنه يقال: لكل ساقطة لاقطة.

ثم إن هـ?ذه المسائل ينبغي فيها سد الباب؛ لأنّ الضابط فيها صعب وشاق، من التي لا تشتهى، وإلى أي حد يكون الكبر، وإلى أي حد تكون الشهوة .. وما أشبه ذلك؟

قال شيخ الإسلام: العلة إذا كانت منتشرة فإنه يُحكم بمضنّتها وإن لم تتحقق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير