تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمْنًا عل النفوس فقط ((إن دماءكم وأموالكم أعراضكم عليكم حرام)) على كل شيء على أموال والنفوس والأعراض، فإياكم أن تؤذوا الناس في أموالهم أو أعراضهم أو أبدانهم؛ بل كونوا خير الناس للناس.

يقول: (وَلا تُسَافِر اَلْمَرْأَةُ) إذن لا تفارق محل إقامتها بما يسمى سفرا إلا مع ذي محرم، وهـ?ذا هو الموضع الذي قال فيه الفقهاء رحمهم الله إنه يشمل السفر الطويل والقصير، بينما الرخص الأخرى كالقصر والفطر والمسح ثلاثا يقول هـ?ذا خاصة بالسفر الطويل أما ه?ذا فهو عام للسفر الطويل والقصير، المهم أن يسمى سفرا (لا تُسَافِر اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وسبق لنا معنى المحرم.

(فَقَامَ رَجُلٌ) اسمه ليس لازما أن نعرفه، المهم القصة، (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, إِنَّ اِمْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً, وَإِنِّي اِكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.) الرجل لما سمع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (وَلا تُسَافِرُ اَلْمَرْأَةُ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ) وقد علم أن زوجته ليس معها ذي محرم، سأل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فقال: إنه اكتتب في غزوة كذا وكذا، يعني كتب مع الغزاة، وأن امرأته خرجت حاجة، فماذا قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فقال: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ))، و (اِنْطَلِقْ) هـ?ذه فعل أمر، و (حُجَّ) فعل أمر، وقد أمره النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن يدع أمرا مرغوبا فيه هو ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد ليحج مع امرأته، وهـ?ذا يدل على وجوب اصطحاب المحرم.

هل سأله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: هل امرأتك كبيرة أو صغيرة؟ لا، خذ هـ?ذا عموما، اجعل هـ?ذا عموما؛ أي أنه يشمل المرأة الكبيرة والصغيرة.

هل سأله أهي آمنة أم غير آمنة؟ لا، خذ هـ?ذا عموما آخر.

هل سأله هل هي حسناء و قبيحة؟ لا، خذ هـ?ذا أيضا عموما ثالثا.

فإذن نهي المرأة عن السفر بلا محرم شامل للمرأة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، وسواء آمنة أو غير آمنة، سواء كانت قبيحة أو حسناء.

فيه عموم آخر سواء معها نساء أو ليس معها نساء، وهـ?ذا عام.

ولذلك كان ه?ذا النص القولي كان واضحا في أنه شامل لكل امرأة وعلى كل حال.

يقول: ((اِنْطَلِقْ, فَحُجَّ مَعَ اِمْرَأَتِكَ)) هو ما سأل إلا ليفعل، هل يمكن أن يسأل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يعصيه؟ هـ?ذا بعيد؛ بل ممتنع، طيب

يستفاد من هـ?ذا الحديث عدة فوائد:

الفائدة الأولى حرص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إبلاغ الشريعة، وأنه صلوات الله وسلامه عليه يستعمل كل أسلوب يمكن أن يبلّغ به الخلق، لقوله: (سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَقُولُ).

الفائدة الثانية تحريم خلوة الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِاِمْرَأَةٍ) والأصل في النهي التحريم ولاسيما أنه أكد بالنون (لا يَخْلُوَنَّ).

ثلاثة عموم هـ?ذا النهي لكل رجل ولكل امرأة؛ لأنه نكرة في سياق النهي فيعم.

ومنها زواج خلوة الصغير بالمرأة، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) فالصغير لا تضره خلوته.

لو خلت امرأة بامرأة يفهم من الحديث جواز خلوة المرأة بالمرأة، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) لكن هنا لو خيفت الفتنة وجب منعها من طريق آخر؛ لأن بعض النساء -نسأل الله الحماية- يبتلى بمساحقة النساء كما يبتلى بعض الرجل بالتعلق بالمرد، بعض النساء تتعلق بالنساء الجميلات وتفتتن أشد الافتتان من الرجل.

يؤخذ من هـ?ذا الحديث جواز خلو القرد بالمرأة، من كلمة رجل، لكن يقول شيخ الإسلام: إذا خيفت الفتنة بأن كانت هـ?ذه المرأة تستعمل القرد كما يستعملها الرجل فإنها تمنع، لأن بعض القرود يتعلّق بالنساء، حدِّثت أنه إذا ذهبت النساء تتفرج على القرود وصارت إحداهن جميلة صار القرد لا ينظر إلا إليها ولا يتبع إلا إياها، نعم، إذن إذا خيفت الفتنة نمنع.

ومن فوائد الحديث جواز خلو الرجلين بالمرأة، لقوله: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ) وإذا كان معه آخر فلا خلوة؛ ولكن كما قلنا في أثناء الشرح إنه إذا خيفت الفتنة وجب المنع من باب ثانٍ.

ومن فوائد الحديث عناية الشرع بالمرأة حيث حرص على حمايتها وحفظها باصطحاب المحرم، هـ?ذا لاشك إذا قيل لا تروح إلا مع رجل، ه?ذا لا شك من أكبر ما يكون من الإكرام، الرجل يروح وحده؛ لكن المرأة لابد أن يكون لها إنسان يحميها ويحفظها، كالحارس كالجندي مع الأمير يحرسه ليش؟ إكراما له.

إذن محرم المرأة لاشك أن اصطحابها إياه لاشك أنه من مكرمتها وحمايتها وعناية الشرع بها.

ومن فوائد الحديث أيضا أنه لابد أن يكون المحرم ممن تمكنه صيانتها بكونه بالغا عاقلا بصيرا إن احتجنا إلى ذلك.

إذا كان صغيرا هو محرم لكنه ليس كافيا، العلة من ذلك -كما ذكرنا في الشرح- أنها حماية المرأة وصيانة كرامتها، وعند العامة يقول: إن العلة من أجل إذا ماتت يفك حزائم كفنها إذا نزلت في القبر. أولا يقول: ماتت، وهـ?ذا تشاؤم، أيضا يفك الحزائم إذا نزلت في القبر؛ لأنه ممكن يفك الحزائم أي إنسان، ولعله مر عليكم حديث أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ دفنت إحدى بناته وفيهم زوجها عثمان والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((أيكم لم يقارب الليلة)) فقال أبو طلحة: أنا يا رسول الله. فقال: ((انزل)) فنزل في قبرها أبو طلحة وليس من محرمها، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من محارمها وزوجها أيضا من محارمها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير