تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:53 م]ـ

[الحديث العاشر]

وَعَنْهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?)) قَالَ: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي, قَالَ: ((حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ?)) قَالَ: لا. قَالَ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ, وَالرَّاجِحُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَقْفُهُ.

[الشرح]

(وَعَنْهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?)) قَالَ: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي,) الشك من الراوي، (قَالَ: ((حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ?))) جملة خبرية متضمنة للاستفهام؛ أي أحججت عن نفسك، والشاهد في مثل هـ?ذا التعبير كثير في القرآن وكلام العرب؛ أي أنهم يحذفون أداة الاستفهام لعلمها من المقام.

(قَالَ: لا. قَالَ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ, وَالرَّاجِحُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَقْفُهُ.) أي أنه موقوف، قال الإمام أحمد: إن رفعه خطأ، وهـ?ذا إحدى الروايتين عنه؛ ولكنه صحّح في رواية أخرى أنه مرفوع، ولعله اطلع أخيرا على رفعه فصحح رفعه، وقد مر علينا أنه إذا اختلفت الأئمة الحفاظ في رفع الحديث أو وقفه فإن الحكم للرافع لسببين:

السبب الأول أن مع الرافع زيادة علم، لأن الرفع وقف وزيادة.

السبب الثاني أنه قد يتكلم الراوي الرافع بالحديث كدرس أو كبيان حكم، فيُسمع منه على أنه من قوله، كما لو قلت أنا مثلا: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) هـ?ذا الحديث مرفوع بلا شك، لكن أنا إذا سقته على هـ?ذا النحو فالذي يسمعني يظن أنه من قولي، فلهذا نقول: إذا تعارض الحفاظ في رفع الحديث ووقفه قُدّم الرافع لهذين الوجهين:

أحدهما أن مع الرافع زيادة علم.

والثاني أن الرافع له قد يحدث به غير منسوب حكما بما دل عليه، فيسمعه من يسمعه فيظنه موقوفا.

المهم نرجع إلى الحديث.

يقول: (أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?))) لبيك إجابة لك؛ لكنه مثنى ومعناه الكثرة ولهذا قال العلماء في تفسيره: إجابة بعد إجابة، وإنما يقول الحاج: لبيك، -أي إجابة- لأن الله تَعَالى? قال في كتابه: ?وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ? [الحج:27]، أي أعلمهم به، وادعهم إليه ?يَأْتُوكَ رِجَالًا? فكأنك تلبي هـ?ذه الدعوة بأنك أجبتها، وهنا قال: (لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ) فقيد هـ?ذه التلبية بأنها عن شبرمة كأنه نائب عنه، فالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ استفهم، هل حج عن نفسه، وهـ?ذا الاستفهام هل يمكن وروده أو لا يمكن.

إن قلنا: إن الحج إنما فرض في السنة العاشرة، ففي وروده شيء من الإشكال، لماذا؟ لأن هـ?ذا القائل إنما سمعه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع، وإذا قلنا إن الحج إنما فرض في السنة العاشرة فإنه لا يمكن أن يحج هـ?ذا الرجل عن نفسه، لماذ؟ لأنه لم يجب من قبل، ولكن سبق لنا أن القول الراجح أنه مفروض في السنة التاسعة، وبناء على ذلك فإنه يمكن أن يكون هـ?ذا الرجل قد حج عن نفسه، وهـ?ذا مما يرجح القول بأنه فرض في السنة التاسعة وإلا لم يكن لاستفهام النب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محل.

(قَالَ: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?))) أي من شبرمة الذي لبّيت عنه؟ هـ?ذا الاستفهام يريد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعرف ه?ذا الرجل قريب من الملبي أو بعيد؟ أو يريد أن يعرف هل هو مسلم أو كافر؟ الجواب قال: (قَالَ: أَخٌ لِي، أَوْ قَرِيبٌ لِي) الظاهر الأول؛ لأن هـ?ذا الصحابي فهم ذلك، والصحابي أقرب إلى فهم كلام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غيره، وقوله: (أَوْ قَرِيبٌ لِي) هـ?ذا شك؛ ولكن هـ?ذا الشك لا يؤثر؛ لأن الأخ من القرابة، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ?)) يعني أديت الفريضة عن نفسك، لأن كلمة (عَنْ) تدل على أن الشيء مفروض للإنسان فيريد أن يؤدي عن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير