تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نفسه (قَالَ: لا.) يعني لم أحج؛ ولكنه بدأ بأخيه، لعله كان ميتا فقدمه على نفسه، وقال كما يقول بعض العامة: أنا حي، والدّهر أمامي طويل؛ ولكن هـ?ذا ميت ومفتقر إلى الحج فأحج عنه، لكن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال له: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) وفي رواية: ((هـ?ذه عنك، ثم حج عن شبرمة)) ورواية هـ?ذه عنك أصرح في أن ه?ذا النسك الذي عن النبي يقول فيه (لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ) انقلب عن نفس الملبي، (قَالَ: ((حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)

ففي هـ?ذا الحديث دليل على فوائد:

الفائدة الأولى: الجهر بالتلبية لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع هـ?ذا الرجل يلبي، ولا يسمع إلا ما كان جهرا، وهو كذلك، فإن الجهر بالتلبية سنة كما سيأتي إن شاء الله تَعَالى? لما فيه من إظهار الشعائر.

ومن فوائد الحديث أن الرجل إن حج على غيره فإنه يصرح بذكره، فيقول: لبيك عن فلان لأن التلبية عند الإطلاق تنصرف إلى نفس الملبي حتى تقيد، فيقال: لبيك عن فلان.

فإذا استنابك رجل أن تلبي عنه الحج فإنك تقول: لبيك حجا عن فلان.

استنابك عن العمرة تقول: لبيك عمرة عن فلان.

وهل تسميه وإن كان امرأة؟ لو كانت امرأة، لبيك عن رقية، عن عائشة .. نعم، ربما يكون هـ?ذا ظاهر الحديث، ولا مانع، لا مانع من أن المرأة يذكر اسمها؛ لكن لو قلت: لبيك عن من أنابتني في الحج؟ يجوز، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يعلمها، فإذا كنت تستحيي أو تخجل من أن تقول: لبيك عن رقية أو ما أشبه ذلك أو عن عائشة، فلا حرج أن تقول لبيك عن من أنابتني في الحج، فإن نسيتها، نسيت من وكلك أو نسيت من استنابك فماذا تقول؟ عن من أنابني أو استنابني، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يعلم ذلك.

ومن فوائد الحديث أنه ينبغي لطالب العلم أن يسأل في المواضع التي يكون فيها السؤال متّجها؛ لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل هـ?ذا الرجل: ((مَنْ شُبْرُمَةُ?)) فإذا رأيت شخصا يفعل أمرا تدعو الحاجة إلى السؤال عنه فإن الأفضل أن تسأل، لا يقال: إن هـ?ذا من باب سؤال الإنسان عما لا يعنيه؛ لأن العالم يعنيه أحوال العباد حتى يعلِّمهم مما علمه الله عز وجل.

ومن فوائد الحديث أنه لا يجوز أن يحج الإنسان عن غيره مع قدرته عن الحج عن نفسه إذا لم يحج عن نفسه، الدليل: (حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ)، فإن كان لا يلزمه الحج كرجل فقير أعطاه شخصا مالا يحج به عنه فهل يجوز أن يحج؟ الجواب: نعم، يجوز؛ لأن هـ?ذا الرجل لا يجب عليه الحج فالله يقول: ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً? [آل عمران:98]، وهـ?ذا الرجل الآن لا يستطيع إليه السبيل؛ لأنه ليس عنده مال فيجوز أن يحج عن غيره.

ومن فوائد الحديث أن الحج يمتاز عن غيره بجواز تغيير النية، فالحج يجوز بتغير النية فيه وجواز الإبهام فيه، وجواز الانتقال من نسك إلى نسك ه?ذا هو تغيير النية، هـ?ذا الرجل كان أول ما حج عن شبرمة ثم نواه عن نفسه في أثناء العبادة، ومثل هـ?ذا لا يمكن أن يكن في العبادات الأخرى؛ لكن هـ?ذا خاص بالحج، كذلك نجد الرجل يحرم بالحج ثم يقلبه إلى العمرة ليصير متمتعا.

يحرم بالعمرة أولا ثم يضيق عليه الوقت ثم يدخل عليها الحج، فيصير قارنا، لا بأس.

كما أن الحج يخالف غيره في النية بأنه لو نوى الخروج منه لم يخرج منه، واحد أحرم بالحج إما رأى التعب فقال: أشهدكم يا جماعة أني هونت وفسخت الحج، هل ينفسخ حجه؟ لا ينفسخ. بينما العبادات الأخرى ينفسخ.

إذا فعل محرّما فيه؟ المحرم في العبادات الأخرى يُبطل العبادة، كما لو أكل أو شرب أو تكلم في الصلاة، لكن في الحج المحظورات فيه لا تبطله، فيه الجماع قبل التحلل يفسده ولا يبطله، ولهذا يجب المضي فيه وقضاؤه من السنة الأخرى، بخلاف غيره من العبادات، المهم الحج له أحوال يخالف غيره.

ومن فوائد الحديث حسن تعليم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث سأله قبل أن ينكر عليه ثم دَلَّه على الهدى حين عرف أنه أخطأ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير