تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل يستفاد من الحديث أن من أحرم بنسك عن شخص ثم تبيّن أنه يجب أن يقدم نفسه فإنه يلزمه أنه يحج عن هـ?ذا الشخص الذي أحرم بنسكه بأنه التزم له بإحرامه؟ أو نقول: إن قوله: (ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) من باب الإباحة، لأنه إنما ذكر له الممنوع ثم ذكر له الجائز؟ فيه احتمال يحتمل أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوجب عليه أن يحج على شبرمة لأنه تلبس بالنسك عنه، فوجب عليه أن يقضيه عنه، إذ أنه لما تلبس بالنسك كان كأنه نذره، فلزمه أن يوفي به، ويحتمل أن قوله: (حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ) من باب الإباحة والإذن فلما منعه أولا أن يحج عن شبرمة أذن له أن يحج عنه بعد أن يحج عن نفسه، وعندي أن هـ?ذا هو الأقرب.

ونجيب عن الأول بأن الإنسان إنما ما تلبس به ظنا منه أنه جائز، فإذا تبين أنه ليس بجائز فهو تلبس غير مشروع فلا يلزم الوفاء به.

ومن فوائد الحديث أنه يجوز الحج عن الغير بلا إذن الغير، وجه الدلالة أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: هل استأذنته؟ فإذا حج إنسان عن غيره بنية أنه للغير فلا بأس.

لو رفض الغير بعد أن رجع الرجل وقال: أنا حججت عنك ادع الله لي. قال: لا أقبل. هل يشترط قبوله، عندنا أمران؟

هل يشترط إذن الغير بالحج عنه؟ نقول: ظاهر الحديث لا.

هل يشترط قبوله؟ إذا رفضه، الله عز وجل أعلم، لا يترتب عليه ه?ذا الحكم في الدنيا، اللهم إلا إذا كان المحسوب عنه مريضا مرضا لا يرجى برؤه، فإنه يحج عنه الغير بلا شك؛ لكن لو رفض المحجوج عنه.

فهل نقول: إن رفضه غير معتبر وأن الفريضة سقطت عنه،؟

هـ?ذا هو محل الإشكال، اختلف العلماء في مسألة الفريضة:

منهم من يقول: لا يصح أن يحج الإنسان عن غيره فريضة إلا بإذنه؛ لأن المطالبة بها الغير.

ومنهم من قال بل يصح بلا إذنه لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل للمرأة التي سألته أن أباها لا يثبت على الراحلة، لم يقل هل استأذنت منه؟ وأنه إذا حج عن غيره ثم بلّغه بذلك ورفض فإنه نقول له: رفضت أو لم ترفض الحج لك والفريضة سقطت عنك، وهـ?ذا هو الأقرب من الأحاديث.

ومن فوائد الحديث أن الإنسان ينبغي أن يبدأ بنفسه لقوله: (حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ, ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ).

وتأتي هنا مسألة الإيثار -الإيثار بالقرب- هل هو جائز أو مكروه أو محرم؟ سبق لنا الكلام عليه وبيّنّا أنه ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: ما يحرم فيه الإيثار، هو الإيثار بالواجب.

والثاني: ما يكره فيه الإيثار إلا لمصلحة تربو على الكراهة.

والثالث: ما يباح فيه الإيثار، وهو ما سوى العبادات من الأمور العادية.

المحرم فيه الإيثار مثل لو كان معي ماء يكفيني للوضوء فلو آثرت به غيري وتوضأ به بقيت بلا ماء، فهنا يحرم الإيثار؛ لأنني قادر على استعمال الماء وهو في ملكي فلا يجوز لي أن أوثر به غيري.

إذا كنت القربة مستحبة مثل الصف الأول فيه مكان رجل، وسبقت إليه أنا وواحد معي، فهل أوثره قال العلماء: إنه يكره أن يوثر غيره بالمكان الفاضل، وهو كذلك؛ يعني القول بالكراهة يتوقف به الإنسان؛ لكن يقول لا ينبغي أن توثر، لأن هـ?ذا يدل على زهد في الخير والسبق إليه؛ لكن إذا اقتضت المصلحة أو توثره مثل أن يكون أباك أو أخاك الكبير أو صاحب فضل عليك وعلى الناس فهنا يكون الإيثار لا بأس به؛ لكن قد تربو المصلحة ونقول: إن الإيثار هنا مستحب.

أما الإيثار في الأمور العادية فهـ?ذا لا بأس به والأصل فيه الحل والجواز.

قلنا: (تبدأ بنفسك) ينبني على هـ?ذا مسألة إهداء القرب للأموات، فنقول: الأفضل أن لا تهدي القرب للأموات، الأفضل أن تجعل القرب لك وللأموات الدعاء؛ لأن هـ?ذا هو الذي أرشد إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله: ((إذا الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له))، ولم يوجّه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الأمة إلى عمل يعملونه للميت، مع أن الحديث في سياق العمل، فاجعل الأعمال الصالحة لنفسك، ومن سواك أدع الله له.

الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 05:59 م]ـ

[الحديث الحادي عشر]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير