تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهـ?ذا من نعمة الله عز وجل أنه لم يجب إلا كما قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((اَلْحَجُّ مَرَّةٌ))، الحج مرة واحدة ((فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ))، الحج واجب مرة واحدة فما زاد على المرة الواحدة فهو تطوع فإن شاء أتى به وإن شاء لم يأت به.

في هـ?ذا الحديث عدة فوائد:

منها إعلان الأحكام الشرعية عن طريق الخطابة، والخطابة أحد المجالات التي بها تنشر الدعوة، فإن الدعوة تنشر بطرق متعددة: منها الخطابة والكتابة والمشافهة غير ذلك من الأشياء التي تكون مجالا للدعوة.

ومنها حرص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على تبليغ أمته فإنه كان لا يخفي تبليغ الأحكام بل يعلنها إعلانا بواسطة الخطابة.

ومنها فرضية الحج، من قوله: (كَتَبَ عَلَيْكُمُ اَلْحَجَّ) وفرضه بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين إجماعا قطعيا:

ففي القرآن ?وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97) ? [آل عمران:97].

وفي السنة كما في هـ?ذا الحديث وكما في قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((بني الإسلام على خمس)) وذكر منها حج البيت.

أما الإجماع فالمسلمون مجمعون على ذلك، ولهذا قالوا: من أنكر فرضية الحج فهو كافر مرتد، إلا إذا كان حديث عهد بكفر ولم يعرف فرائض الإسلام فإنه لا يكفر إلا بعد أن يُعرَّف فإذا عرف وذكرت له الدلائل أصر على إنكار الفرضية صار كافرا.

أما من ترك الحج بدون إنكار فرضيته ولكن تهاونا وكسلا فأكثر أهل العلم على أنه لا يكفر؛ لأنه لا كفر بترك شيء من الأعمال إلا واحدا فقط وهو الصلاة.

وقال بعض أهل العلم -وهو رواية عن الإمام أحمد- إن من تركه تهاونا فهو كافر؛ لأن الله قال ?وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ? وهـ?ذا يدل على أن ترك الحج مع القدرة عليه كفر.

وكذلك ما أُثر عن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه همَّ أن يأخذ عمالا إلى البلاد فمن وجدوه ذا جِدَة -أي ذا غنى- فلم يحج قال: فليأخذوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين.

ولكن الجمهور على أن ليس ترك الحج تهاونا بكفر.

ولكن هل يُقضى عنه؟ أيضا جمهور العلماء يقولون: إنه يقضى عنه؛ لأنه كالديون التي يتهاون بوفائها فإذا مات قضيت عنه، وكلام ابن القيم في تهذيب سنن أبي داوود يدل على أنه لا يقضى عنه، لأن هـ?ذا الرجل تركه تركا مُعرضا عن فعله، أما أنه يقول: سأحج العام القادم ويمني نفسه؛ ولكنه باغته الأجل فلم يحج، فهـ?ذا يحج عنه بلا شك.

الراجح أنه إذا تركه على أنه ليس بحاج كلام ابن القيم جيد؛ لكني أتوقف في ترجيحه.

ومن فوائد الحديث أيضا أنه يجوز أن يقاطع الخاطب ويسأل؛ لأن الأقرع بن حابس قاطع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسأله في أثناء خطبة ولم ينكر عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومن فوائد الحديث أن في المسائل ما لا ينبغي أن يسأل عنه كما في هـ?ذا الحديث، فإن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال فيما رواه أبو هريرة: ((ذروني ما تركم)) وفي قصة عويمس العجلاني مع امرأته أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سأله عدي الذي وصاه عويمر كره المسائل وعابها، فيما لو وجد الرجل مع امرأته رجلا.

ومن فوائد الحديث أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحكم بغير وحي، لقوله: (لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ) وهـ?ذا محل خلاف بين أهل العلم:

فمنهم من قال إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يحكم من عند نفسه؛ بل يحكم من عند نفسه في مسائل الاجتهاد، أما مسائل التشريع.

والصحيح أنه يحكم من عند نفسه في المسائل الاجتهادية كتدبير الحروب وغيرها وفي المسائل الشرعية؛ لكن إقرار الله له تشريع، ولهـ?ذا يعتبر وحيا.

ومن فوائد الحديث أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة لقوله: (اَلْحَجُّ مَرَّةٌ).

ومن فوائده استحباب الزيادة على المرة في قوله: (فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ). ()

ولو أوجبنا الإحرام على من مرّ بالميقات بدون قصد الحج والعمرة لكان الحج يجب مرات كثيرة، لأنه كلما مر بالميقات وجب عليه أن يحرم، وهـ?ذا القول هو الراجح أنه لا يجب الإحرام من الميقات إلا لمن أراد الحج أو العمرة.

أما من دخل مكة لزيارة قريب أو لعيادة مريض أو للتّجارة أو لطلب العلم .. أو لغير ذلك من المقاصد فإنه لا يجب عليه أن يحرم من الميقات إذا كان قد أدّى الفريضة، حتى لو طال زمنه عن مكة، لو بقي عن مكة أربعين سنة، أو أربعين يوما كما يقول العامة، فإنه لا يجب عليه أن يحرم ما دام قد أدى الفريضة.

اتهى هذا الباب ويليه:

بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[21 - 11 - 07, 06:02 م]ـ

بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ

[الشرح] قال المؤلف رحمه الله تَعَالى?: (بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ) المواقيت جمع ميقات، وأصله من الوقت؛ ولكن قُلبت الواو ياء لأنه كُسر ما قبلها، فأصل ميقات: مُوقات؛ لأنها وقعت بعد كسر وجب أن تقلب ياء فيقال: ميقات، والميقات يُطلق على الزَّمن ويطلق على الحد فيقال: وقَّت كذا أي حدّد.

المواقيت تنقسم إلى قسمين:

• مواقيت مكانية.

• ومواقيت زمنية.

أما المواقيت المكانية فإنها تكون للحج والعمرة.

وأما الزمنية فهي للحج فقط، أما العمرة فلا زمن لها، ففي أي وقت شئت من العام تعتمر؛ لكن الحج له مواقيت زمنية لقوله تَعَالى?: ?الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ? [البقرة:197]، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجة هـ?ذا القول الراجح، وإن كان المشهور من المذهب أنها شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة؛ لكن الصواب أن شهر ذي الحجة كله من زمن الحج؛ لأن أصل ?أَشْهُرٌ? أن يكون عاما وشاملا لكل ما يدلّ عليه.

المواقيت المكانية خمسة نستمع إليها في حديث عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير