تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما حديث جابر الذي اعتمد عليه من قال: إنه يكفيه سعي واحد، وهو ما رواه مسلم أنه قال رَضِيَ اللهُ عَنْه: ُ لم يطف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه بالصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول. فهـ?ذا الجواب عنه سهل جدا فيقال: المراد بأصحابه الذين كانوا مثله وهم القارنون، ومعلوم أن القارن يكفيه سعي واحد، ولا يمكن أن يراد به كل أصحابه، وذلك لحديث ابن عباس وعائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهم وبالمعنى الذي أشرنا إليه.

وكذلك من استدل بقوله: دخلت العمرة في الحج وشبك بين أصابعه، فهم أنفسهم لا يقولون بمقتضى ظاهر الحديث، لو أخذنا بمقتضى ظاهر الحديث لقلنا ايضا: يكفيه طواف العمرة عن طواف الحج، ولا قائل به، وإنما دخلت العمرة في الحج؛ أي أن الحج كما يكون في هـ?ذه الأشهر كذلك العمرة، وكذلك ما ثبت للحج من أحكام ثبت من العمرة إلا ما دل عليه الدليل، فإن العمرة دخلت في الحج كما جاء في الحديث الصحيح المرسل الذي تلقته الأمة بالقبول قال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((والعمرة حج أصغر)).

أما القارن، القران له صفة متفق عليها، وهي أن يحرم بالحج والعمرة جميعا فيقول: لبيك عمرة وحجا. فإن قال من الميقات: لبيك عمرة وحجا، فهو قارن، وسبق أن صفة القران أنه إذا وصل إلى مكة طاف وسعى وبقى على إحرامه إلى يوم العيد فيرمي جمرة العقبة فيحلق أو يقصر، ويتحلّل التحلل الأول.

الصفة الثانية للقران، أن يحرم بالعمرة، ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه، وهـ?ذا وقع لأم المؤمنين عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها حين أحرمت بالعمرة فحاضت فأمرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تحرم بالحج، وقال: ((طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك)) فهنا أحرمت أولا بالعمرة، ثم أدخلت الحج على العمرة قبل الشروع في الطواف، وهل هـ?ذه الصفة مشروطة بالضرورة أو جائزة في حال الاختيار؟ المشهور من مذهب الإمام أحمد أنها جائزة حتى في حال الاختيار.

الصفة الثالثة أن يحرم بالحج أولا، ثم يدخل العمرة عليه، يقول: لبيك حجا من الميقات ثم يبدو له فيدخل العمرة عليه، فيقول: لبيك حجا وعمرة. فهـ?ذا فيه خلاف على العلماء فمن العلماء من أجازه وقال: لا بأس به، واستدل بظاهر فعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حيث قالت عائشة: إنه أحرم بالحج، مع أنه أتاه أتٍ وقال له: قل عمرة في حجة، فيقلون: إن الجمع بين حديث عائشة والحديث الآخر أن الرسول أحرم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحج أولا ثم أدخل العمرة عليه، وقالوا: إن العمرة أحد النسكين، فإذا جاز إدخال الحج عليها جاز إدخالها عليه، وحينئذ تكون الأفعال واحدة.

المهم أن القران له ثلاثة صور:

• أن يحرج بالحج والعمرة جميعا.

• أن يحرم بالعمرة أولا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافه.

• الثالث أن يحرم بالحج أولا ثم يدخل العمرة عليه. وهـ?ذه الصورة فيها خلاف قوي بين أهل العلم، والمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا تصح هـ?ذه الصورة.

وقالوا: إذا أدخل العمرة على الحج فإدخاله لا عبرة به، ويبقى على أن يتحلل.

الإفراد له صورة واحدة، وهي أن يحرم بالحج وحده فيقول: لبيك حجا، وإذا وصل مكة طاف وسعا وبقي على إحرامه إلى يوم العيد.

التمتع أصل الأنساك ذكرنا لأفضليته أربعة أوجه إلا لمن ساق الهدي فالقران في حقه أفضل لتعذر التمتع في حقه؛ ولكن هل الأفضل أن يسوق الهدي ويقرن أو الأفضل أن لا يسوق ويتمتّع؟

في هـ?ذا خلاف بين العلماء:

منهم من قال: الأفضل أن لا يسوق وتمتع لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأصحابه: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي وما أحللت معه)).

ومنهم من قال: بل سوق الهدي والقران أفضل؛ لأن هـ?ذا فعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولأنه أظهر في إظهار الشعائر، لأن الإنسان يأتي الهدي معه يسوقه، وهـ?ذا لاشك أن فيه من إظهار الشعائر ما ليس في من لم يسق الهدي، وأجابوا عن قول: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت)) أنه قال ذلك من أجل يطيب قلوب أصحابه، وأنه يقول: لو علمت أن الأمر سيبلغ منكم ما بلغ حتى يشقّ عليكم هـ?ذه المشقة، لو علمت ذلك ما سقت الهدي ولأحللت معكم، وكان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يترك الاختيار مراعاة لأصحابه، كما ترك الجهاد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير