تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في كل سرية مراعاة لأصحابه الذين لا يستطيعون أن يصاحبوه في كل سرية وليس عنده ما يحملهم عليه، فهو لا يحب أن يشق عليهم ولا عنده ما يحملهم فيخرج بهم، وكما ترك الصيام مراعاة لأصحابه، فقالوا: إن قوله: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت)) بهـ?ذا المعنى.

وعندي الأقرب أن التمتع أفضل إلا لمن ساق الهدي فالقرآن أفضل ليجمع بذلك بين قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفعله.

ه?ذه الأنساك الثلاثة أيها التي يجب فيها الهدي؟ التمتع بالنقل والإجماع، قال الله تَعَالى?: ?فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ? [البقرة:196]، وهـ?ذا لا إشكال فيه، وهو مجمع عليه.

القارن كالمتمتع يلزمه الهدي، وهـ?ذا قول جمهور أهل العلم، ووجه مشابهته للمتمتع أنه حصل له نسكان في سفر واحد، فقد تمتّع بالعمرة بالترفه بترك أحد السّفرين، معلوم هذا، يقول العلماء: إن القارن تمتع ليس بالحل بين العمرة والحج، لأنه ما عنده حل؛ ولكن بترك أحد السفرين؛ لأنه لو أحرم مفردا لكانت العمرة تتطلّب سفرا آخر، فلما أحرم بهما جميعا ترفّه بترك السفر الثاني للعمرة فهو بترك أحد السفرين، وهـ?ذا نوع من التمتع، ولهذا أدخله كثير من أهل العلم بنص الآية، فمن تمتع بالعمرة إلى الحج، هـ?ذا وجه البيان.

أما الآية فلاشك أنها نص في المتمتع الذي أحرم بالعمرة وأحلّ منها ?فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ?، ولهذا قال الإمام أحمد: إن القارن ليس كالمتمتع يعني أن وجوب الحج عليه أمر لا إشكال فيه.

إذن القارن عليه الهدي عند جمهور أهل العلم؛ لأنه متمتع، بماذا؟ بالتمتع بترك أحد السفرين، أما المفرد فلا هدي عليه؛ لأنه لا يدخل في التمتع لا لفظا ولا معنى فلا يجب عليه الهدي.

في حديث عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها فيه إشكال وهو قولها: (وَأَهَلَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَجِّ) نقول: ذهب بعض العلماء إلى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مفردا بالحج، وأخذوا بذلك، وقالوا: الإفراد أفضل من القران والتمتع؛ ولكن الصحيح أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج قارنا، قال الإمام أحمد وهو إمام أهل السنة في الحديث قال: لا أشك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارنا والمتعة أحب إلي.

وثبت في الصحيحين أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاءه الملك وقال له: ((قل عمرة في حج))، وهـ?ذا لا يمكن أن يقع فيه مخالفة من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيحرم بالحج.

فإذا كان كذلك فما الجواب عن الحديث؟ إذا كان الأمر أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حج قارنا فما الجواب عن الحديث؟ قال بعض العلماء: إن الجواب عن الحديث أن فعل القارن كفعل المفرد ظنت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها أنه كان مفردا، وهـ?ذا ليس بصحيح، لأنه يقال: إذا كانت علمت أن بعض الصحابة أحرم بحج وعمرة فكيف تجهل أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحرم بحج وعمرة، ه?ذا شيء بعيد جدا.

ومنهم من قال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أحرم أولا بالحج ثم أدخل العمرة عليه، فقالت عائشة أحرم بالحج باعتبار ابتداء الإحرام، ثم أدخل العمرة عليه، وهـ?ذا ينطبق تماما على قول من يقول بجواز إدخال العمرة على الحج، أما من لا يقول بذلك فإنهم لا يقرّون بهـ?ذا الجواب.

والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأجمعين.

الأنساك الثلاثة كلها جائزة إلى يومنا ه?ذا، فإن قلت: كيف تجيب عن أمر الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أصحابه أن يجعلوها عمرة وغضبه حين لم يفعلوا ذلك ولم يبادروا؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير