تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولهذا نقول: ه?ذا الحديث يدلّ على تحريم ه?ذه الأشياء الثلاثة: النكاح والإنكاح والخطبة في حال الإحرام؛ لأنها وسيلة إلى الجماع الذي هو أشد محظورات الإحرام إثما وأثرا.

هل نقول: إنه تحرم المباشرة؟ تحرم المباشرة، هل نقول: إنها حرام من باب قياس الأولى؟ أو نقول: إنها حرام من باب النص في قوله تَعَالى?: ?فَلاَ رَفَثَ? [البقرة:197]؟ الثاني، فالرفث الجماع و مقدمات الجماع.

إذن الجماع من المحظورات.

والجماع قبل التحلل الأول يترتب عليه خمسة أمور: الإثم، وفساد النسك، ووجوب الاستمرار فيه، والفدية؛ وهي بدنة، والخامس قضاؤه من العام القادم. أي خمسة أمور تترتب على الإجماع إذا كان قبل التحلل الأول، وه?ذا كلها ثبت بالآثار عن الصحابة وبالآثار المرفوعة فيها مقال؛ لكن يترتب عليها ه?ذه الأمور الخمسة.

المباشرة لاشك أنها دون الجماع، ولذلك لا يجب فيها حد الزنا، ولا يحرم إنكاح من باشر امرأة دون زنا. فما الواجب فيها؟ قال بعض العلماء: إن أنزل الواجب الفدية، فدية بدنة. والصحيح أنه لا يجب فيها بدنة، وإنما كفدية الأذى بناء على ما قاله أهل العلم.

الإنكاح والنكاح والخطبة، ه?ذه الثلاثة حرام؟ نقول: الأصل في النهي التحريم، وعليه فلو تزوّج المحرم رجلا كان أو امرأة فالعقد فاسد؛ لأن النهي عاد إلى ذات الشيء، والنهي إذا عاد إلى ذات الشيء أفسده؛ إذ أننا لو قلنا بصحة المنهي عنه لكان في ذلك مضادة لله ورسوله؛ لأنّ لازم التصريح النفوذ، والنهي يقتضي .. ()

قالوا: لأن مساق الحديث واحد، فلا يمكن أن نفرق بين ثلاثة أشياء جمع الشارع بينها.

والذين قالوا: إن الخطبة مشروعة قالوا: لأنها وسيلة أدنى من العقد وسيلة؛ لأن الخطبة وسيلة للعقد، فهي وسيلة بالدرجة الأولى فلا تساوي وسيلة بالدرجة الثانية، فكانت الخطبة مكروهة.

وه?ذا الثاني هو المشهور من المذهب؛ ولكن القول بأنها حرام هو الأقرب؛ لأن الحديث سياقه واحد، والتفريق بين شيئين سياقهما واحد وأنه فيهما واحد بمجرد علة قد تكون هي العلة المذكورة للشارع وقد لا تكون، ه?ذا أمر لا ينبغي.

فنقول: لا تخطب وأنت محرم اصبر حتى تحل؛ لأنك لو خطبت الآن، الحديث ((ولا يخطب المحرم)) هل نقول: لا يَخطب ومثله لا يُخطب؟ إذا أخذنا بظاهر اللفظ (لا يخطب) لا يستطيع أن يخطب وأنه لو خطب امرأة محرمة فلا بأس؛ ولكن لا شك أن الأولى عدم إشغال المرأة وإذا خطبت سوف تستشار، وإذا استشيرت فسوف يتعلق قلبها بهـ?ذا الشيء، فالأولى تركها حتى تحل.

الآن نقول: ه?ذه الأشياء حرام، هل فيها فدية؟ يقول أهل العلم: إنّه لا فدية فيها، حتى المشهور من المذهب أن ه?ذه الأشياء لا فدية فيها. يقول: لأنه إنما ورد النهي عنها ولم يرد فيها إيجاب الفدية والأصل براءة الذمة، وه?ذا التعليل واضح نور؛ ولكن يجب أن ينسحب ه?ذا التعليل على جميع المحظورات التي لم ترد فيها الفدية حتى لا نتناقض، أما أن نتناقض ونقول: ه?ذا فيه فدية وه?ذا ما فيه فدية. ليس صحيحا، قد يقول قائل: عقد النّكاح ما فيه ترفه، كيف ما فيه ترفه؟ الإنسان إذا عُقد بالنكاح يجد راحة ويُسر وه?ذا من أكبر الترفه، يضحك بعينيه ويضحك بوجنتيه وتجد عليه البشاشة.

على كل حال؛ يعني ه?ذا يدلّنا على الأصل في كل المحظورات إذا لم تقرن بوجوب الفدية من قبل الشارع الأصل براءة الذّمة؛ لكن لو قال لك قائل: ألا يمكن أن نعامل الناس بالتربية، ونقول: لنفرض أن الشرع لم يدل على وجوب الفدية أفلا يليق بنا أن نعامل الناس بالتربية ونقول: ما دام ه?ذا قول جمهور العلماء فلنفت به الناس لئلا يتساهلوا، لأنك لو قلت للواحد مثلا: عليك أن تستغفر الله عز وجل لما فعلت من المحظور ولا عليك شيء لرأيت كثيرا من الناس يتساهلون ما دام في الأمر أستغفر الله وأتوب إليه ما هو ضار.

فلو أن أحدا سلك ه?ذا المسلك كما سلكه بعض أهل العلم، حيث أراد أن يفتي اليوم بشيء فقال: إما أن تفعل وإما أفتيتك بقول فلان، وهو أشد مما أفتاه به.

أقول: لو أننا سلكنا ه?ذا المسلك -وهو الذي أنا أسلكه- لكان ه?ذا جيّدًا؛ لكن نحن نتكلم به باعتبار أن الذي أمامنا طلبة علم، ويجب أن يُبيّن الإنسان ما يرى أنه الحق، والفتوى شيء والعلم شيء آخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير