تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي, فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى اَلْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى, تَجِدُ شَاةً? قُلْتُ: لا. قَالَ: ((فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ, أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ, لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[الشرح]

(وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي, فَقَالَ: " مَا كُنْتُ أُرَى اَلْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى) (أَرَى) بمعنى أظن، فإذا جاءت (أُرى) بضم الهمزة فهي بمعنى أظن، أما (أَرَى) فهي إما بمعنى أُبصر البصرية، أو بمعنى أعلم إن كانت علمية.

وأرى تأتي علمية وبصرية، فقوله تَعَالى?: ?إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) ? [المعارج:6 - 7] الأولى بمعنى الظن، والثانية بمعنى العلم، ?وَنَرَاهُ قَرِيبًا? فإنه يعلم علما بلا ظن.

طيب إذن: ما كنت أظن أن الوجع بلغ بك ما أرى بعيني الآن.

ثم قال: (أتَجِدُ شَاةً? قُلْتُ: لا. قَالَ: ((فَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ, أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ, لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) سؤال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل يجد الشاة ليس على سبيل الوجوب؛ بل على سبيل الأفضلية، وهنا قال له افعل كذا؛ يعني واحلق رأسك، وسبب ذلك أن كعبا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان مريضا، والمريض عادة لا يتنظّف، وإذا لم يتنظف الإنسان مع المرض يكثر فيه الأوساخ، والأوساخ في الرأس إذا كان له شعر يولّد القمل، فجيء به إلى الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ والقمل ينزل من رأسه، فعرف الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أنه مريض، وقد قال الله تَعَالى?: ?فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ? [البقرة:196]، فأذن له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يحلق وأمره بالفدية.

إذن نقول: من احتاج إلى فعل محظور فليفعل؛ ولكن عليه الفدية.

ومن هنا يمكن أن نقسم فعل المحظور إلى ثلاثة أقسام:

الأول أن يفعله عالما ذاكرا مختارا غير معذور، فهـ?ذا يترتب على فعله الإثم، وما في ه?ذا المحظور من الفدية.

القسم الثاني أن يفعله معذورا بجهل أو نسيانا أو إكراها؛ يعني يفعله جاهلا أو ناسيا أو مكرها، فهـ?ذا لا إثم عليه ولا فدية، عكس الأول، وإن كان جماعا لا يترتّب عليه إفساد النسك ولا لزوم القضاء، يعني لا يترتب عليه شيء من فعل المحظور أبدا إذا كان ناسيا أو جاهلا أو مكرها، الدليل نوعان عام وخاص:

فالعام قوله تَعَالى?: ?رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا? [البقرة:286]، ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ? [الأحزاب:05]، ?مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ? [النحل:106].

وجه الدّلالة من آية البقرة واضح ?رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا?.

ومن آية الأحزاب ?وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ? فإذا انتفى الجناح والإثم انتفى ما يترتب عليه من الفدية.

وفي آية النحل ?مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ? وجه الدلالة أنه إذا سقط حكم الإكراه أو سقط حكم الكفر بالإكراه مع أن الكفر أعظم الذنوب فما دونه من باب أولى.

ه?ذه الأدلة من القرآن.

من السنة ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير