تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لو فرض أن أحد أراد أن يفتح خطا ووجد فيه شجرة فإنه لا يقطعها، اللهم إلا إن دعت الضرورة القصوى إلى ذلك.

قال: (تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ) ساقتها يعني اللقطة، (تَحِلُّ .. إِلاَّ لِمُنْشِدٍ) إلا لمن أراد أن ينشدها أمد الدهر، من أخذها لا للإنشاد فهو حرام، ومن أخذها للتملك بعد الإنشاد فهو حرام، ومن أخذها للإنشاد دائما فهو حلال، الأحوال ثلاثة:

• إما أن يأخذها للتملك من الآن.

• أو للتملك بعد الإنشاد.

• أو للإنشاد.

الذي يحلّ من ه?ذه الثلاث الأخير، أما لقطة غيرها فيحل منها الثاني، وأما الأول فلا يحلّ في أي لقطة كان، من أخذ اللقطة للتملك من الآن فهـ?ذا لا يجوز لا في مكة ولا في غيرها، ومن أخذها للتملك بعد الإنشاد الشرعي فهو جائز في غير مكة، ومن أخذها للإنشاد دائما فهو جائز في مكة وغيرها؛ لكن في غير مكة ليس بواجب ومكة يجب الإنشاد دائما.

قال: (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) لما بين الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن القتال محرم في مكة كأن إيرادا ورد: والقتل؟ قال: القتل إذا كان قصاصا فلا بأس به، (وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) ما هما؟ إما أن يقتل القاتل وإما أن يأخذ الدية.

فإذا قتل للإنسان شخص في مكة عمدا، يثبت فيه القصاص فإننا نقول: لأوليائه أنتم الآن بالخيار إن شئتم اقتلوا القاتل وإن شئتم خذوا الدية.

وقوله: (بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ) باعتبار المصلحة أو باعتبار ما يريده الأولياء؟ باعتبار ما يريده الأولياء؛ لأن ه?ذا الخيار خيار تشهّ لا خيار مصلحة، وقد مر علينا منذ زمن بأن التخيير إن كان للمصلحة فيجب فيه اتّباع المصلحة، وإن تخيير تشه وإرادة فالإنسان فيه مخير.

ففي كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ه?ذا خيار تشه، أي شيء أخذت أي شيء كفّرت به فهو جائز.

وفي تخيير الإمام في الأسرى من الكفار بين القتل والفدى بمال أو أسير والمن ه?ذا تخيير مصلحة، فإذا كان التصرّف للغير فتخيير مصلحة للنفس فتخيير تشه، هنا التصرف للنفس أو للغير؟ للنفس فيكون التخيير تشهيا: إن اشتهيت فاقتل، إن اشتهيت فخذ الدية.

(فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ: إِلاَّ اَلإِذْخِرَ, يَا رَسُولَ اَللَّهِ .. , فَقَالَ: ((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)).) الإذخر نبت معروف في مكة، وبين العباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ السبب في ذلك فقال: (يَا رَسُولَ اَللَّهِ, فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي قُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا فَقَالَ: ((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.) نبت معروف في الحجاز له سيقان مثل أعواد الكبريت، يجعل في القبور وفي البيوت:

في القبور يجعل فيما بين اللبنات، حتى لا ينهال التراب.

في البيوت يجعل فيما بين الجريد في السقف ويوضع الطين فوقه، السقف أول ما نجعل خشب ثم الجريد ثم الإذخر ثم الطين.

الإذخر ه?ذا يمنع تساقط الطين من بين الجريد، فالناس في حاجة إليه فقال الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (((إِلاَّ اَلإِذْخِرَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.).

في ه?ذا الحديث فوائد:

أولا انتهاز النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرصة في الخطب حين تدعو الحاجة إليها؛ لأنه خطب في وقت يحتاج الناس فيه إلى بيان الأحكام، فخطب النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فبين الأحكام.

ثانيا أن الخطب تُبتدَأ بالحمد لله والثناء عليه.

ثالثا أنه ليس بلازم أن نثني بالصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

رابعا بيان أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? خالق أفعال العباد بهيمها وناطقها لقوله: (إنّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ اَلْفِيلَ)؛ لأن الفيل كانوا إذا وجّهوه إلى مكة حرن وإذا وجهوه إلى اليمن هرول ومشى، والذي حبس من؟ الله، إذن فعل الفيل بمشيئة الله ففيه دليل على عموم مشيئة الله في أفعال المخلوقين بهيمها وناطقها.

ومن فوائده أيضا أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? له الحكم فيما أراد من خلقه الكوني والشرعي، ولهذا منع كونا الفيل، وأذن شرعا للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلّطه على مكة ومن معه من المؤمنين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير