تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن فوائد الحديث أن من الناس من يكون فيه بركة لتشريع الأحكام الشرعية كما أن من الناس من يكون فيه شؤم.

فالأقرع بن حابس لما قال فيما سبق: أفي كل عام؟ ه?ذا سؤال ما ينبغي، لو قال الرسول: نعم. لوجبت وما استطعنا.

أما إذا كان الإنسان الذي يسأل في تخفيف على المسلمين، ه?ذا يحمد عليه ويكون من بركاته، كما ذكر أسيد بن حضير في قصة عقد عائشة حين فقد، ولم يكن عند الناس ماء فنزلت آية التيمم، فقال: ما هي بأول بركتكم يا آل بكر.

إذن من بركات العباس استثناء الإذخر الذي يحتاجه الناس للبيوت والقبور.

ومن فوائد الحديث أنه لا يُشترط في الاستثناء نيته قبل تمام المستثنى منه، ولا اتصاله به أيضا، وجهه أن الرسول قال: (إلا الإذخر) ولم يكن نواه فلو نواه لقال: ولا يختلى شوكها إلا الإذخر. وأيضا حصل خلط بين المستثى والمستثنى منه، وهو (وَلا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ, وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ اَلنَّظَرَيْنِ)، وكلام العباس ثم قال: (إلا الإذخر) ه?ذا استثناء الفصل ومع عدم النية؛ لكن الكلام واحد أو منقطع؟ الكلام واحد، فإذا اتصل المستثنى بالمستثى منه في كلام واحد ولو لم يلِ المستثنى ولم ينوِ المستثني فهو صحيح.

من العلماء من يقول: إنه تشترط نية الاستثناء قبل تمام المستثنى منه، ويشترط أيضا الاتصال.

فكيف يجيبون عن ه?ذا الحديث؟ يقولون: إن قوله: (إِلاَّ اَلإِذْخِرَ) ه?ذا نسخ، وليس بتخصيص، فيقال لهم: سُبْحَانَ الله هل يمكن أن نجعل (إِلاَّ اَلإِذْخِرَ) أن نجعله حديثا مستقلا؟ لا يمكن، لأن فيه أداة الاستثناء؛ لكن ه?ذا أمر يسلكه بعض الناس إذا اعتقد شيئا وحاول أن يحول النصوص إلى اعتقاده وهذه طريقة ليست بسليمة.

فالواجب على الإنسان أن ينظر إلى ما تدل عليه النصوص، لا أن يرى رأيا ويتبع النصوص ذلك الرأي.

الشاهد من ه?ذا الحديث ما يتعلق بالصيد، ولكنه في الواقع لا مناسبة فيه للباب؛ لأن الباب: الإحرام وما يتعلق به، والذي ذُكر في ه?ذا الحديث ما يتعلق بالحرم لا بالإحرام.

الشجر تحريمه يتعلق بالحرم فقط، ولهذا يحرم قطع الشجر في الحرم على المحل والمحرم، ويحل قطع الشجر في الحل للمحرم وعلى المحل.

الصيد له علاقة بالحرم والإحرام، ولهذا يحرم الصيد في الحرم على المحل والمحرم، ويحرم الصيد على المحرم في الحل والحرم.

وإذا كان المحرم في الحرم حرم عليه الصيد من وجهين كونه في الحرم وكونه محرما. وهل يلزمه جزاءان لوجود السببين أو جزاء واحد؟

قال بعض العلماء: يلزمه جزاءان؛ لأنه انتهك حرمتين: حرمة الحرم وحرمة الإحرام؛ فيلزمه جزاءان.

وقال بعض العلماء -وهو المذهب-: لا يلزمه إلا جزاء واحد؛ لأنه انتهك حرمتين فيه محرم واحد وهو الصيد، وأيضا لو ألزمنا المحرم جزاءين لم نكن ألزمناه بالمثل؛ لأنه قتل واحدا وألزمناه اثنين، والله تَعَالى? يقول: ?فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ? [المائدة:95]، ولأن المثلية كما تكون بالصفة تكون كذلك في العدد، كقوله تَعَالى?: ?اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَ?وَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ? [الطلاق:12].

ثم قال:

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[25 - 11 - 07, 02:35 ص]ـ

[الحديث السادس والعشرون]

وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لأَهْلِهَا, وَإِنِّي حَرَّمْتُ اَلْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَي مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ لأَهْلِ مَكَّةَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اَلْمَدِينَةُ حَرَامٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

[الشرح]

هذان الحديثان يتعلقان أيضا بالحرم ولا علاقة لهما بالإحرام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير