تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: (اسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ) ما معنى (وَاسْتَثْفِرِي)؟ تلجمي به، ويسمى باللغة الحاضرة التحفظ، لأجل أن تمنع الخارج عند الاغتسال، من أجل أن تمنع الخارج عند الاغتسال.

وقال (وَأَحْرِمِي) وأطلق الإحرام؛ لأنه في ذي الحليفة أحرم الناس على الوجوه الثلاثة التي سبقت في حديث عائشة بحج وبعمرة وبهما. يقول: ()

(أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ) أي رفع صوته بالتوحيد قائلا: ((لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ, إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ, لا شَرِيكَ لَكَ)). قال: (أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ) رفع صوته بهـ?ذه الكلمات العظيمة التي سمّاها جابر توحيدا؛ لأنها تضمنت التوحيد والإخلاص.

قال: (لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ)، (لَبَّيْكَ) ه?ذا حرف جواب للدّاعي، وله?ذا إذا دعاك شخص وقلت: لبيك؛ يعني أجبت دعوتك. ولكن التّثنية هنا يراد بها مطلق التكرار لا حصْرُه، فهي بمعنى إجابة بعد إجابة، وهي منصوبة على الفعل المطلق المحذوف عاملُه؛ يعني ألبي لك تلبية بعد تلبية.

وقوله: (اَللَّهُمَّ) يعني يا الله، فهي منادى حذفت منها يا النداء وعوضت عنها ميم.

وقوله: (لَبَّيْكَ) من باب التوكيد؛ لأنّ المقام مقام عظيم ينبغي فيه توكيد القول.

(لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ) ه?ذا توكيد آخر؛ (لا شَرِيكَ لَكَ) لأيّ شيء؟ لكل شيء، فلا شريك لله في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته، ولا يستثنى من ذلك شيء، فإن الله لا يشركه أحد في ه?ذا أبدا.

ثم قال: (إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ)، (إِنَّ) أفصح وأعم من (أن) وإلا فإن بعض النحويين أجاز الفتح، والصواب الكسر لأنه أعم؛ لأن (إن) هنا استئنافية؛ لكن (أن) تعليلية؛ لأنه لو قال أن الحمد والنعمة لك، كأنه يقول بناء على ذلك أن الحمد والنعمة لك، مع أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يحمد على كل شيء فهي أعم.

(إِنَّ اَلْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ) (اَلْحَمْدَ) وصف المحمود بالكمال على كماله وعلى إنعامه، (وَالنِّعْمَةَ) العطاء، وكل ذلك لله وحده، فالْمُنعم هو الله، والمحمود هو الله، والمستحقّ لذلك وحده، ولهذا قال: (وَالْمُلْكَ) والملك لله أيضا؛ ملك الذوات والأعيان، وملك التصرّف والأفعال، فالله مالك للسم?وات والأرض بأعيانهما والتصرف فيهما، قال: (لا شَرِيكَ لَكَ) في ملكك ولا في نعمتك، ولا في الحمد الذي تستحقه.

كانوا في الجاهلية يلبّون بنحو ه?ذه الكلمة؛ لكن يقولون: لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. ما دام أنه له ومملوك كيف يكون شريكا له، ولهذا قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى?: ?ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء? [الروم:28]، ما الجواب؟ الجواب له واضح، ?هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء? هل عبيدكم يشاركونكم في الأموال التي بين أيديكم التي أعطيناكم إياها، ما الجواب؟ لا، ه?ذا مثل من نفسك، تعرفه أنت من نفسك، كيف تجعل لله شريكا يكون مملوكا لك.

أظن الإلزام واضح؛ إذا كنتم أنتم لا تجيزون ولا تسوّغون أن يكون لكم شريك فيما رزقكم الله، وليس لكم حول ولا قوتكم، فكيف تسوغون أن يكون لله شريك في ملكه الذي خلقه.

ه?ذه جملة لبى بها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع الناس يقولون: لا إلـ?ه إلا الله، وآخرون يكبرون ولا ينكر على ه?ذا؛ لأن المقصود الذِّكر وتعظيم الله، ولكن لا شك أن ما قاله الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فهو أولى.

يستفاد من ه?ذه الجملة من الحديث:

أنه إذا أحرم من ذي الحليفة فلا يلبي إلا إذا استوت به على البيداء، ولكن ابن عمر أنكر ذلك وقال: بيداؤكم ه?ذه التي تقولون -يعني ينكر ه?ذا- ما أهل رسول الله إلا من عند المسجد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير