تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقام اختلف المؤرخون فيه، هل هو في المكان الحالي منذ عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو أنه كان لاصقا بالكعبة وأخره عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حين كثر الناس وكثر الطائفون الذين يطوفون بين يدي المصلين؟ وأكثر المؤرخين على أنه في مكانه الحالي، وأنه لم يجرِ فيه تغيير.

يقول: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.) متى؟ بعد أن صلى ركعتين، واعلم أن المشروع في هاتين الركعتين التخفيف، وأن يقرأ فيهما بـ: ?قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ? و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?، وأنه ليس قبلهما دعاء وليس بعدهما دعاء، والحكمة من تخفيفهما أن يفسح المجال لمن هو أحق منك، فالناس ينتهون من الطواف، فإذا انتهى الطائفون وأنت حاجز ه?ذا المكان تطيل الصلاة فمعناه أنك حجبت مكانا لمن هو أحق منك، فلا تطل الصلاة، ثم إنه قد يكون المطاف مزدحما فيحتاج الطائفون إلى المكان الذي أنت فيه أيضا، فمن ثم خفف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة واختار أن يقرأ بعد الفاتحة بسورة ?قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ? و?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?؛ لأن إمام الحنفاء هو صاحب ه?ذا المقام وهو إبراهيم الذي قال الله لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ?ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) ? [النحل:123].

بعد الركعتين يدعو؟ لا يدعو، وهل للمقام دعاء؟ فإني جدت كتابا مكتوبا فيه دعاء المقام، مطبوع بحرف جيد ومعرب وعلى المذاهب الأربعة! ه?ذا ليس له دعاء، ولا دعاء قبل الركعيتن ولا بعدهما، لكن مثل ه?ذه البدع صارت كأنها قضايا مسلمة مشروعة، حتى إن الحاج يرى أن حجه ناقص إذا لم يفعل ه?ذا وكل ه?ذا بسبب تقصير العلماء أو قصورهم، وإلا فمن الممكن أن يعطى هؤلاء المناسك من بلادهم.

يقول: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.) الركن يعني الحجر الأسود، فيه استحباب الرجوع إلى الركن بعد الركعتين لاستلامهما، إذا لم يتمكن فلا إشارة؛ لأن العبادات مبنية على النقل فقط، فإذا لم يتمكن فلا إشارة لأن ذلك لم يرد، ولهذا قلنا إن الركن اليماني، فإنه لا يشير إليه.

بسم الله الرحمـ?ن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، سبق أن تكلمنا على أول حديث جابر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حتى انتهينا إلى قوله: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.).

إذن ذكرنا الطواف والصلاة ركعتين خلف المقام، وذكرنا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يخففهما ولا يدعو قبلهما ولا بعدهما ولا يطيلهما، وأنه لم يقف للدعاء بعدهما أيضا، وبه نعلم ضلال من يجعلون للمقام دعاء يدعون به وأن ه?ذا بدعة ويحصل منه كونه بدعة أذية عظيمة للمصلين لأنهم يقفون، ويدعو لهم واحد بصوت مرتفع فينتج بها تشويش على الناس وأذية.

قال: (ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ.) الركن الذي فيه الحجر، (فَاسْتَلَمَهُ) استلم الحجر ولم يقبّله، ولم يرد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أشار إليه، وعلى ه?ذا يكون هنا استلام بلا تقبيل ولا إشارة عند التعذر.

(ثُمَّ خَرَجَ مِنَ اَلْبَابِ إِلَى اَلصَّفَا) من باب المسجد، (إِلَى اَلصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ اَلصَّفَا قَرَأَ: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللَّهِ? أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اَللَّهُ بِهِ) قوله: (قَرَأَ: ?إِنَّ اَلصَّفَا?) إشعار بأنه إنما اتجه إلى السعي امتثالا بما أرشد الله إليه، لقوله: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اَللَّهِ? ويعلم الناس أنه إنما يسعون إلى الصفا والمروة من أجل أنهم من شعائر الله، وليعلم الناس أيضا أنه ينبغي للإنسان أنه إذا فعل عبادة أن يشعر نفسه بأنه يفعلها طاعة لله عز وجل، كما لو توضأ الإنسان فينبغي أن يستشعر عند وضوئه أنه يتوضأ امتثالا لقوله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ? [المائدة:06]، ويشعر أيضا وأنه يتوضأ وكأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمامه يتّبعه في وضوئه، وهكذا جميع العبادات، فإذا استشعر الإنسان عند فعل العبادة أنه يفعلها امتثالا لأمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير