تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله فإنه يجد لها لذة وأثرا طيبا.

وقوله: (أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اَللَّهُ بِهِ) لأن الله بدأ بالصفا فقال: ?إِنَّ اَلصَّفَا وَاَلْمَرْوَةَ? وفيه إشارة إلى أن الله إذا بدأ بشيء كان دليلا على أنه مقدم إلا بدليل.

يقول: (فَرَقِيَ اَلصَّفَا) يعني رقي عليه (حَتَّى رَأَى اَلْبَيْتَ) أي الكعبة، (فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اَللَّهَ وَكَبَّرَهُ) أي قال: الله أكبر، (فَوَحَّدَ اَللَّهَ) يعني بالذكر، مثل (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ اَلْمُلْكُ, وَلَهُ اَلْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، (وَقَالَ) يعني بعد التكبير والتوحيد (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ اَلْمُلْكُ, وَلَهُ اَلْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقد سبق لنا مرارا شرح ه?ذه الجملة.

وقوله: (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ, وَنَصَرَ عَبْدَهُ, وَهَزَمَ اَلأَحْزَابَ وَحْدَهُ) في ه?ذا دليل على جواز السجع بشرط أن يكون غير متكلّف، (لا إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ) يعني لا معبود حق إلا الله وحده، (أَنْجَزَ وَعْدَهُ) بماذا؟ بنصر المؤمنين، فإن الله أنجز لرسوله ما وعده، (وَنَصَرَ عَبْدَهُ) يعني محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويحتمل أن يراد به الجنس يعني نصر كل عبد له، (وَهَزَمَ اَلأَحْزَابَ وَحْدَهُ) الأحزاب متى؟ في غزوة الأحزاب، فإنه عز وجل هزمه بالريح التي والرعب الذي ألقاه في قلوبهم، ويحتمل أن يراد بالأحزاب هنا ما هو أعم؛ يعني كال حزب يحارب الله فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? يهزمه كما قال الله تَعَالى?: ?إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ (20) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (21) ? [المجادلة:20 - 21].

(ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قال مثل ه?ذا ثَلاثَ مَرَّاتٍ) إذن يقول ه?ذا الذكر ثم يدعو، ثم يقوله مرة أخرى ثم يدعو، ثم يقوله مرة ثالثة ثم يدعو؛ لأنه قال: (ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ) والبينية تقتضي أن يكون محاطا بالذكر من الجانبين، فيكون دعاؤه مرتين والذكر ثلاث مرات.

(ثُمَّ نَزَلَ إِلَى اَلْمَرْوَةِ, حَتَّى إذا اِنْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ اَلْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعَدَتَا مَشَى إِلَى اَلْمَرْوَةِ فَفَعَلَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ) يقول: ثم نزل إلى المروة ماشيا بدليل قوله: (حَتَّى إذا اِنْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ اَلْوَادِي سَعَى)، وبطن الوادي هو مجرى السيل، ومكانه ما بين العلمين الأخضرين الآن، وكان ذاك في عهد الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسيل المياه النازل من الجبال، وإنما سعى لأن أصل السعي من أجل سعي أم إسماعيل رَضِيَ اللهُ عَنْها.

فإن أم إسماعيل لما وضعها إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هي وولدها في ه?ذا المكان، وجعل عندهما ماء وتمرا، فجعلت الأم تأكل من التمر وتشرب من الماء وترضع الطفل، فنفذ التمر والماء، وجاعت الأم وعطشت، ونقص لبنها، فجاع الطفل، فجعل الطفل يصيح ويتلوى من الجوع، فأمه من أجل الأمومة رحمته، وخرجت إلى أدنى جبل إليها لعلها تسمع أحدا أو ترى أحدا، فصعدت الصفا وجعلت تستمع وتنظر فلم تجد أحدا، فرأت أقرب جبل إليها بعد الصفا المروة فاتجهت تمشي وهي تنظر الولد، فلما نزلت بطن الوادي احتجب الولد عنها فجعلت تركض ركضا شديدا من أجل أن تلاحظ الولد، فلما صعدت المثيل حتى أتت المروة ففعلت ذلك سبع مرات، وهي في أشد ما يكون من الشدة، لا بالنسبة إليها جائعة عطشى ولا بالنسبة للولد، وعند الشدة يأتي الفرج فبعث الله عز وجل جبريل فضرب بعقبه أو جناحه الأرض في مكان زمزم، فنبع الماء بشدة، فجعلت أم إسماعيل تحجر الماء تخشى أن يضيع من شدة شفقتها قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم لكانت عينا معينا)) لكنها حجرتها ثم شربت من ه?ذا الماء فكان ه?ذا الماء طعاما وشرابا، وجعلت تسقي الولد والحديث ذكره البخاري مطولا.

المهم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما انصبت قدماه في بطن الوادي سعى من أجل أن الناس إنما سعوا من أجل سعي أم إسماعيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير