تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول: (حَتَّى إِذَا صَعَدَتَا مَشَى إِلَى اَلْمَرْوَةِ فَفَعَلَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ, كَمَا فَعَلَ عَلَى اَلصَّفَا …فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ) فعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ذلك سبع مرات، فلما كان آخر طواف على المروة نادى على المروة وأمر الناس أن من لم يسق الهدي منهم أن يجعلوه نسكهم عمرة، فجعوا يراجعون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى قالوا: الحل كله يا رسول الله؟ قال: ((الحل كله) قالوا: نخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منيا -يعني من جماع أهله- قال: ((افعلوا ما آمركم به لولا أني سقت الهدي لأحللت معكم)) فأحلوا رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، أما النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن ساق الهدي فلم يحلوا ثم نزلوا بالأصبح في ظاهر مكة.

فلما كان يوم التروية خرجوا إلى منى، فمن كان منهم باقيا على إحرامه فهو مستمر في إحرامه، ومن كان منهم قد أحل أحرم بالحج من جديد، يقول: (فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ اَلتَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى)، ويوم التروية اليوم الثامن من ذي الحجة، وسمي بذلك لأن الناس يتروون فيه الماء بموسم الحج، ومن ه?ذا اليوم إلى اليوم الثالث عشر ومن كل يوم من ه?ذه الأيام الخمسة اسم خاص.

فالثامن يوم التروية، والتاسع يوم عرفة، والعاشر يوم النحر، والحادي عشر يوم القر، والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر يوم النفر الثاني.

يقول: (تَوَجَّهُوا إِلَى مِنَى, وَرَكِبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِهَا اَلظُّهْرَ, وَالْعَصْرَ, وَالْمَغْرِبَ, وَالْعِشَاءَ, وَالْفَجْرَ) قصرا بلا جمع، (ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلاً حَتَّى طَلَعَتْ اَلشَّمْسُ، فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ, فَوَجَدَ اَلْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ) (فَأَجَازَ) بمعنى تعدّى، وإنما قال: (أَجَازَ) يعني تعدى؛ لأن ... يوم عرفة في مزدلفة المشعر الحرام ويقولون: إنا أهل مكة وأهل الحرم لا نقف بالحل، وه?ذا من الحمية الجاهلية والعياذ بالله، أما النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (فَأَجَازَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ) أمر أن تُضرب له قبة بنمرة وهي قرية قرب عرفة، ضُربت له قبة بنمرة فنزلها (حَتَّى إِذَا زَاغَتْ اَلشَّمْسُ)، وه?ذا النزول فيه استراحة بعد التعب من المشي من منى إلى عرفة؛ لأن ه?ذا أطول مسافة في الحج من منى إلى عرفة، من منى إلى مكة قليل، ومن منى إلى مزدلفة قليل، ومن عرفة إلى مزدلفة قليل، وأطول ما يكون من منى إلى عرفة، فبقي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هناك واستراح فلما زالت الشمس يقول: (أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ, فَرُحِلَتْ لَهُ) القصواء اسم ناقته، (فَرُحِلَتْ لَهُ) أي جعل رحلها عليها، ثم ركب عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (فَأَتَى بَطْنَ اَلْوَادِي) أي وادي عُرنة (فَخَطَبَ اَلنَّاسَ. ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ) أذّن يعني من يؤذن وكذلك الإقامة، (فَصَلَّى اَلظُّهْرَ, ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى اَلْعَصْرَ) فبهذه الجملة أنه ينبغي الإحرام بالحج في اليوم الثامن، وأن يبقى الحاج بمنى يوم الثامن وليلة التاسع، وأن ينزل بنمرة إلى زوال الشمس، وه?ذا على سبيل الوجوب أو على سبيل الاستحباب؟ كل ه?ذا على سبيل الاستحباب.

ثم فيه أيضا أنه يصلي الظهر والعصر في بطن عرنة، وهو في مكان المسجد الموجود الآن.

وفيه أيضا ينبغي أن يخطب الخطبة، وه?ذه الخطبة قال بها حتى من لم يقولوا بخطبة صلاة الكسوف، والصحيح أن الخطبة في صلاة الكسوف سنة وكذلك الخطبة هنا سنة.

ه?ذه الخطبة بيّن فيها الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قواعد الإسلام وشيئا من الفروع العامة كتحريم الربا الذي قال فيه: ((ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله)) صلى الظهر والعصر جمع تقديم.

وفيه أن يسن جمع التقديم في عرفة، وإنما صلى جمع تقديم من أجل اجتماع الناس؛ لأن الناس إذا تفرّقوا بعد الصلاة، تفرقوا في مواقفهم، ولو أخرت صلاة العصر لكان كل طائفة يصلون وحدهم في مكانه، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب أن يجتمع الناس حتى وإن أدّى ذلك إلى جمع الصلوات التي يجمع بعضها إلى بعض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير