تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (وَدَفَعَ, وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ اَلزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ) اللهم صل وسلم عليه، (شنقه) يعني جلبه (حَتَّى إِنَّ رَأْسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ) يعني رقبته لئلا تندفع؛ لأن دفع الناس جميعا والإبل ومشيها يأخذ بعضُها بعضا حتى تسرع، كما يقول العامة: بعضها يشيل بعض، لكن الرسول شنق الزمام لئلا تسرع، (وَيَقُولُ بِيَدِهِ اَلْيُمْنَى: ((أَيُّهَا اَلنَّاسُ, اَلسَّكِينَةَ, اَلسَّكِينَةَ))) يعني اسكنوا اطمئنوا.

يقول: (كُلَّمَا أَتَى حَبْلاً [من الحبال] أَرْخَى لَهَا قَلِيلاً حَتَّى تَصْعَدَ) في ه?ذه الجملة:

كيف يدفع الإنسان من عرفة، يدفع بسكينة بقدر ما يستطيع، ويأمر الناس بالسكينة ليسكنوا، يأمرهم بالسكينة إما بصوته إن تمكّن أو بمكبر الصوت: أيها الناس السكينة السكينة، كما فعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.

وفيه أيضا أن حسن رعاية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما هو مولا عليه، ه?ذه البهيمة إذا أتى حبلا من الحبال يعني شيئا مرتفعا أرخى لها قليلا حتى تصعد، رفقا بها، وثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه إذا وجد فجوة نص أي أسرع السير، فيؤخذ من ه?ذا وه?ذا أنه ينبغي للإنسان مراعاة ما هو راكب عليه وأنه إذا وجد فجوة ومتّسعا فليسرع.

يقول: (حَتَّى أَتَى اَلْمُزْدَلِفَةَ, فَصَلَّى بِهَا اَلْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ, وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا, ثُمَّ اِضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ اَلْفَجْرُ, وَصَلَّى اَلْفَجْرَ, حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ اَلصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى أَتَى اَلْمَشْعَرَ اَلْحَرَامَ, فَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ, فَدَعَاهُ, وَكَبَّرَهُ, وَهَلَّلَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا. فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ) ه?ذا موقف مزدلفة، دفع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من عرفة بسكينة وهو يسكّن الناس عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وفي أثناء الطريق نزل فبال وتوضأ وضوءا خفيفا، فقال له أسامة وكان رديفه: الصلاة يا رسول الله. قال: ((الصلاة أمامك))؛ لأنه لا يمكن الصلاة في الطريق؛ لأن إيقاف الناس وهم مندفعون فيه شيء من الصعوبة، ثم المبادرة ما دام ضوء النهار باقيا أرفق بالناس، ولهذا قال: ((الصلاة أمامك)) فلما وصلوا إلى مزدلفة أمر بلالا فأذن ثم أقام لصلاة المغرب ثم أناخ كل واحد بعيره، ثم صلى العشاء.

فيه أيضا دليل على أنه لا ينبغي في ليلة مزدلفة أن يشتغل الناس بالذكر أو بالقرآن أو بالصلاة؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطجع حتى طلع الفجر، وه?ذا من حسن رعايته لنفسه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ؛ لأنه بعد التعب في المسير من عرفة إلى مزدلفة، وفي النهار أيضا كان مشتغلا بالدعاء وبتعليم الناس وتوجيههم، تحتاج النفس إلى راحة؛ فنام كل الليل.

ولم يذكر جابر ولا غيره فيما أعلم هل أوتر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا؟ والظاهر أنه أوتر لأنه لم يكن يدع الوتر لا حضر ولا سفرا.

وفيه أنه ينبغي تقديم صلاة الفجر في يوم العيد بمزدلفة؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الفجر من حين تبيّن له الفجر؛ ولكن يجب الحذر من الاغترار بفعل بعض الناس فإنه في ليلة مزدلفة تسمع بعض الناس يؤذن قبل الوقت بساعة أحيانا أو أكثر، يستطيلون الليل ثم يقوم يؤذن ويصلي الفجر ويمشي؛ وليته لم يضر إلا نفسَه؛ لكن إذا سمعه غيره يؤذن أذّن وتتابع الناس، ولهذا يجب الحذر في صلاة الفجر ليلة المزدلفة.

وفيه أنه ينبغي للإنسان أن يتقدّم إلى المشعل الحرام، إن كان على راحلته إن كان له راحلة أو على قدمه إن كان ماشيا؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقدم إليه، ومع ذلك قال: ((وقفتُ ههنا وجمع كلها موقف)) ويدعو إلى أن يُسفر جدا ويتبيّن النهار تماما ثم يدفع إلى منى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير