تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم إنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حلّ من إحرامه بعد أن رمى ونحر وحلق حلّ من إحرامه وتطيب ونزل إلى البيت فطاف وصلى بمكة الظهر.

والحقيقة أنه عند التأمل يجد الإنسان بركة عظيمة في ه?ذا الوقت الموجز، وكانت حجة الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في الاعتدال الربيعي -يعني النهار والليل متساويان تقريبا- في ه?ذه المدة الوجيزة عمل ه?ذه الأعمال الكثيرة، دفع من مزدلفة ورمى ونحر ثلاثا وستين بل مائة، وأمر بأن تطبخ وأكل من لحمها وشرب من مرقها، وحلق وحل ووقف للناس يسألونه ونزل إلى مكة وطاف وسعى وصلى الظهر بمكة، أعمال عظيمة في زمن قليل؛ ولكن الله عز وجل إذا بارك للإنسان صار يفعل في الوقت القصير أفعالا كثيرة، وه?ذا شيء مشاهد نسأل الله لنا ولكم أن يبارك في الأعمال والأعمار.

يقول هنا: (فَصَلَّى بِمَكَّةَ اَلظُّهْرَ) وفي حديث أنس في الصحيحين أنه صلى الظهر بمنى، فاختلف العلماء في ذلك:

فقال بعضهم: نقدم حديث أنس لأنه في الصحيحين.

وقال آخرون: نقدم حديث جابر؛ لأن جابرا ضبط الحج ضبطا وافيا، فكان أعلم بذلك من غيره.

وقال بعضهم: بل نجمع بينهما فنقول صلى الظهر بمكة في وقتها، ولما خرج إلى منى وجد جماعة من أصحابه لم يصلوا فصلى بهم، فيكون صلى الظهر مرتين.

الجمع أولى، كلما أمكن الجمع فهو أولى.

هنا يقول: (فطاف بالبيت)، ولم يذكر السعي لماذا؟ لأنه سعى بعد طواف القدوم، والقارن إذا سعى بعد طواف القدوم كفاه، ولهذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة: ((طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك)) فقد أدّى الواجب، وكذلك أصحابه الذين لم يَحلوا طافوا معه، ولم يسعوا لأنّهم كانوا قد سعوا، وعلى ه?ذا يحمل حديث جابر: (لم يطف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول)، فيعني بأصحابه هنا الذين لم يحلوا معه، يتعين ه?ذا؛ لأن الذين حلوا ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنه لما كان عشية يوم التروية أمرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحرموا، فلما قضوا المناسك طافوا بالبيت وبالصفا والمروة هكذا جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس، قال: طافوا بالبيت وبالصفا والمروة. وهو صريح بأنهم طافوا بالبيت وبالصفا والمروة.

وكذلك ثبت في الصحيح من حديث عائشة أن الذين أحرموا بالعمرة طافوا بالصفا والمروة مرتين.

ومادام عندنا حديثان صحيحان صريحان في أن المتمتع يطوف ويسعى مرتين فإن حديث جابر يتعين أن يحمل على الذين لم يحلوا.

وبهذا نعرف أن ما ذهب إليه جماعة من أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية في أن المتمتع يكفيه سعي واحد أنه قول ضعيف، ويتبين لنا أيضا أن الإنسان مهما بلغ من العلم والفهم فإنه لا يسلم من الخطأ لأنه لا معصوم إلا من عصم الله عز وجل، والإنسان يخطئ ويصيب، وحديث ابن عباس وعائشة كلاهما في البخاري، ومثل ه?ذا لا يخفى على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من حفاظ الحديث حتى قال بعضهم: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بصحيح؛ ولكن الإنسان بشر، فالصواب بلا شك أن المتمتِّع يلزمه طوافان وسعيان، والقياس يقتضي ذلك؛ لأنّ العمرة انفردت وفصل بينهما وبين الحج حلّ كامل، وأحرم الإنسان بالحج إحراما جديدا.

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 02:30 ص]ـ

[الحديث الثامن والعشرون]

وَعَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ تَلْبِيَتِهِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ سَأَلَ اَللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ وَاسْتَعَاذَ بِرَحْمَتِهِ مِنَ اَلنَّارِ. رَوَاهُ اَلشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

[الشرح]

وإذا كان الإسناد ضعيفا فلا يكون ذلك سنة؛ بل يلبي بتلبية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا سأل اللهَ الجنة واستعاذ به من النار لا معتقدا أنه سنة فلا بأس.

[الحديث التاسع والعشرون]

وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((نَحَرْتُ هَاهُنَا, وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ, فَانْحَرُوا فِي رِحَالِكُمْ, وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ, وَوَقَفْتُ هَاهُنَا وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

[الشرح]

ه?ذا من تيسير الله عز وجل أن الرسول نحر في مكان معين وقال: (وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) انحروا في أي مكان منها، وكذلك الوقوف في عرفة وفي مزدلفة، وه?ذا من يسر الشريعة الإسلامية ولله الحمد.

وقوله: (وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) يفيد أنه لا نحر إلا في منى؛ ولكن قال الإمام أحمد: مكة ومنى واحد. فلو نحر الإنسان في مكة فلا بأس، وقد جاء فقد جاء في الحديث: ((فجاج مكة طريق ومنحر))، أما في الحل فلا، فلو ذبح الإنسان هديه في عرفة ولو في يوم العيد، فإنه لا يجزي على ما قاله أهل العلم، فلابد أن يكون النحر في الحرم.

[الحديث الثلاثون]

745 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَاءَ إِلَى مَكَّةَ دَخَلَهَا مِنْ أَعْلاهَا, وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[الشرح]

(مِنْ أَعْلاهَا) من شرق، (وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا) من المكان الذي يسمى ...

وهل ه?ذا على سبيل الاستحباب أو على سبيل المصادفة؟ المعروف عند كثير من أهل العلم أنه على سبيل الاستحباب، قالوا: ه?ذا كمخالفة الطريق في العيد، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج يوم العيدين خالف الطريق، يخرج من طريق ويرجع من آخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير