ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:26 م]ـ
[الحديث الواحد والأربعون]
وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَرْمُوا اَلْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلاَّ النَّسَائِيَّ, وَفِيهِ اِنْقِطَاعٌ.
[الشرح]
والانقطاع يوجب ضعف الحديث، فنقول: إن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أذن لهم أن يتقدموا قبل الفجر ليرموا؛ لأنه من المعروف أن الناس إذا قدموا إلى منى أول ما يفعلون الرمي، ولا نرى كحكمة من أن يقال: يدفع من مزدلفة وانتظروا في منى؛ فإنهم إن دفعوا من مزدلفة وانتظروا في منى لم يكن في حكمه إطلاقا؛ بل فيه ترك أمر واجب لأمر لا فائدة منه.
فالصواب بلا شك أن من جاز الدفع في آخر الليل من مزدلفة جاز له الرمي ولو قبل الفجر، والقوي إن قلنا بجواز الدفع له، إذا كان مع الضعفاء فأرجو أن لا يكون فيه بأس؛ لأنه في الوقت الحاضر من شاهد الناس ومشقة الرمي يرى أن الدين بيسره وسهولته لا يمنع ه?ذا الذي ذهب مع أهله أن يرمي معهم.
[الحديث الثاني والأربعون]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَرْسَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ اَلنَّحْرِ, فَرَمَتِ اَلْجَمْرَةَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ, ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ, وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.
[الشرح]
وهو يقوي ما أشرنا إليه من أنه من دفع من مزدلفة فيرمي ولو قبل الفجر، وثبت في صحيح البخاري أن ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان يدفع بأهله فكانوا يوافون منى مع الفجر أو قبل الفجر ويرمون، وقال: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن للضعن؛ يعني للنساء.
[الحديث الثالث والأربعون]
وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ شَهِدَ صَلاتَنَا هَذِهِ -يَعْنِي: بِالْمُزْدَلِفَةِ- فَوَقَفَ مَعَنَا حَتَّى نَدْفَعَ, وَقَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا, فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ.)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ.
[الشرح]
والحديث ه?ذا سببه أن عروة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان من حائل من جبل طيّ، فجاء إلى الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يسأله وهو في صلاة الفجر في مزدلفة، وقال: يا رسول الله أتعبت نفسي وأتعبت راحلتي، وما تركت جبلا إلا وقفت عنده، يعني هل لي من حج؟ فقال له ه?ذا الكلام.
وفيه دليل أن من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد طلوع الفجر لكن في وقت صلاة الفجر التي صلاها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإنه لا شيء عليه؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: (فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَقَضَى تَفَثَهُ).
وفي قوله: (قَدْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلاً أَوْ نَهَارًا) استدلّ الحنابلة رحمهم الله على أن من وقف بعرفة قبل الزّوال تم حجه، وإن لم يبق حتى الزّوال أخذا بعموم قوله: (لَيْلاً أَوْ نَهَارًا). حتى لو انصرف قبل الزوال صح حجه؛ لكن عليه الدم؛
لكن جمهور أهل العلم على خلاف ذلك قالوا: إن قوله: (لَيْلاً أَوْ نَهَارًا) يعني به وقت الوقوف، ووقت الوقوف لم يكن إلا بعد الزوال.
وينبني على ذلك رجل جاء وقت الضحى إلى عرفة ووقف بها، ثم طرأ له عذر فذهب من عرفة قبل أن تزول الشمس إما مرض أو ضياع شيء، المهم لو خرج من عرفة قبل زوال الشمس، ثم عاد إلى مزدلفة بعد الغروب وبات بمزدلفة، فعلى مذهب الحنابلة حجه صحيح؛ لكن عليه دم لترك واجب وعلى رأي الجمهور حجه ليس بصحيح وقد فاته الحج؛ لأنهم يرون أن وقت الوقوف يكون من بعد الزوال.
وقول الجمهور له وجه، ووجهه أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقف إلا بعد الزوال، وقال: ((خذوا عني مناسككم)).
والجواب عن حديث عروة بن مضرس أن النهار قد يراد به بعضه، فيحمل على النهار الذي وقف فيه الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وهو ما بعد الزوال.
[الحديث الرابع والأربعون]
¥