تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن فوائد الحديث وجوب الرمي -رمي الجمرات-؛ لأنه لم يسقط عن ه?ؤلاء لإمكان قضائه، المبيت لا يمكن قضاؤه، لكن الرمي عمل يمكن قضاؤه. فيستفاد منه وجوب الرمي لأنه لو لم يجب لقلنا سنة فات محلها بيومها فلا تقضى؛ ولكنه يجب قضاؤه.

ومن فوائد الحديث منع الاستنابة في الرمي، وجهه أنّ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يرخّص لهم أن يستنيبوا غيرهم في الرمي عنهم، مع أن الحاجة قد تكون داعية لذلك، ولو كانت الاستنابة جائزة في الرمي لأجازه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم.

فيتفرّع على? هذا فائدة أخرى وهي خطأ أولئك القوم الذين يتساهلون في رمي الجمرات اليوم فتجد الواحد منهم يقول -وبكل سهول-: خذ يا فلان حصاي أرم بهن، وإن كان قادرا، لكنه جالس عشان يسوّي الشاي للجماعة نقول حرام.

وفيه أيضا بيان خطأ من يبيحون للنساء الاستنابة في الرمي مطلقا، لأن الواجب لا يسقط بهذه السهولة، لا يسقط على? المرأة لأنها مرأة، وإلا لقلنا بسقوط طواف الوداع مع الزحام؛ ولكن نقول: إنه يجب على? المرأة أن ترمي بنفسها، والزحام الذي يكون يمكن أن يتلافاه الإنسان بتأخر الوقت، بدل ما يرمي عند الزوال يرمي بعد العصر إن لم يمكن بعد الغرب إن لم يمكن بعد العشاء، ولهذا لم يأذن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لسودة والضعفة ومن أهله أن يوكلوا من يرمي عنهم بل أذن لهم أن يدفعوا قبل الفجر من أجل أن يرموا بأنفسهم.

ومن فوائد الحديث أنه يجوز جمع رمي أيام التشريق لكن تأخيرا لا تقديما، لأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن لهؤلاء أن يجمعوا تأخيرا، ولو كان تقديما لرموا يوم العيد.

ومن فوائده أنه لا يجوز للقادر أن يؤخر رمي يوم إلى اليوم الذي بعده، وجه الدلالة أنه قال: (رَخَّصَ)، والترخيص يدل على أنه في غير ه?ذه الحال ممنوع؛ لأن الترخيص خص بحالة معينة، وعلى ه?ذا فلا يجوز أن نجمع رمي أيام التشريق إلى آخر يوم، بل نرمي كل يوم في يومه.

ومن ذهب في ذلك من أهل العلم فمذهبه ضعيف له?ذا الحديث ولأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرمي كل يوم في يومه ويقول: ((خذوا عني مناسككم))، ولأنه أظهر في العبادة وأطيب للقلب كيف ذلك؟ لأن الإنسان يتعبد لله تَعَالى? بهـ?ذه العبادة كل يوم، وإذا جمعها فاتت عليه أن يتعبد لله تَعَالى? بها كل يوم.

وه?ذا أمر له شأن لأن الشارع له نظر في أن يتعبد الناس لله عز وجل في الأوقات التي شرع لهم أن يتعبدوا لله فيها، وإلا لكنا نقول: تجمع الصلوات الخمس عند النوم وهو آخر اليوم، وتكون العبادة لله تَعَالى? في آخر اليوم لأجل أن يختم بها بومه؛ لكن نقول: للشارع نظر في أن تتوزع العبادات على الزمن حتى يبقى القلب عامرا بهـ?ذه العبادة في اليومين أو الثلاثة مثلا.

إذن فجمعها مع مخالفتها لهدي النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يفوت به ه?ذا المعنى العظيم وهو إشغال القلب بهـ?ذه العبادة في كل الأيام الثلاثة.

من فوائد ه?ذا الحديث أن ه?ذا الدين يسر وأنه كلما وجد سبب التيسير حل التيسير، ولهذا قال صاحب النظم:

جميع ما يشرعه قد يُسِّرَ من أصله وعند عارض طرأ

يعني الشرع.

على كل حال كل شيء شرعه ه?ذا الدين فهو ميسر من أصله، وعند عارض طرأ يعني إن وجد عارض يقتضي التيسير أكثر فإنه ييسره ((صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب))، ه?ذه من التيسير، بدل من أن يكلَّف العراة أن يأتوا فرضا كل يوم بيومه رخص لهم أن يؤخروا.

هل يقاس على الرعاة من يشبههم ممن يشتغلون بمصالح الناس الآن كجنود المرور وجنود الأمن وجنود الإطفاء والمشتغلين بالبريد وما أشبه ذلك؟

نعم لا شك في ذلك، أنهم يلحقون بهم، فلهم أن يدعوا المبيت ولهم أن يؤجلوا الرمي أو يجمعوا الرمي جمع تأخير في آخر يوم.

هل يلحق بهم في تأخير الرمي من كان معذورا بمرض أو نحوه، مثل أن يصيب الإنسان زكام في اليوم الثاني ويؤخر إلى اليوم الثالث؟

الجواب: نعم للمشقة، وما دمنا نعلم -والعلم عند الله- أن العلة في جواز التأخير لهؤلاء الرعاة هو المشقة، نقول: من شق عليه أن يرمي كل يوم في يومه فله أن يؤخر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير