تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على كل حال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقد ثم ركب في آخر الليل ونزل إلى البيت وطاف طواف الوداع وصلى الصبح ثم ركب إلى المدينة، صبح اليوم الرابع عشر، كانت أم سلمة رَضِيَ اللهُ عَنْها استأذنته أو في طواف الوداع، وقالت: إنها مريضة فقال: ((طوفي من وراء الناس وأنت راكبة)) فقالت: سمعته وهو يقرأ في صلاة الفجر ذلك اليوم والطور وكتاب مسطور.

الشاهد من ه?ذا أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ نزل من ه?ذا المكان وصلى فيه كم وقتا؟ أربعة أوقات والخامس في المسجد الحرام،

[الحديث الواحد والستون]

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُ ذَلِكَ -أَيْ: اَلنُّزُولَ بِالأَبْطَحِ- وَتَقُولُ: إِنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَنَّهُ كَانَ مَنْزِلاً أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

[الشرح]

أعقب المؤلف حديث ابن عباس بهـ?ذا الحديث ليبين أن نزول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك المكان ليس على سبيل التعبد؛ بل هو أسمح لخروجه وأيسر؛ لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لما انتهى من منى وكان يحب أن يمشي في أول النهار، فأين يذهب؟ إذا كان قبل صلاة الظهر، وهو يريد أن يسافر إلى المدينة في أول النهار، لم يبق إلا أن ينزل في ه?ذا المكان ليستريح وينام ما شاء الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى? أن ينام، ثم بعد ذلك يرتحل، فعائشة تقول: إن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يفعل ذلك تعبدا لأنه أسمح لخروجه. ولهذا كانت لا تفعله رَضِيَ اللهُ عَنْها.

وبعض العلماء يقول: بل فعله تعبدا، فيكون النزول في ه?ذا المكان سنة، فالعلماء اختلفوا في ه?ذا؛ ولكن إذا جاء مثل ه?ذا الخلاف، والأدلة فيه محتملة أن يكون ذلك على سبيل التعبد أو على سبيل الراحة والتيسير، فأيهما نأخذ به؟

قد يقول قائل: إن الأصل المشروعية وأن النزول بهـ?ذا سنة.

قد يقول قائل: لا، الأصل عدم المشروعية لأن العبادة لابد أن نعلم أن الشارع شرعها، وهنا ليس عندنا علم؛ لأن الحج بالاتفاق انتهى بعد رمي جمرة العقبة، وه?ذا المنزل لا نعلم أنه مكان نسك حتى نقول إن النزول به سنة، وما نزوله بهـ?ذا المنزل إلا كنزوله قبل أن يخرج إلى الحج في الأبطح، فهل أنتم تقول مثلا: إن نزوله في الأبطح قبل خروجه إلى منى سنة أو أنه منزل اختاره لا للتعبد؟ ليس سنة؛ لكنه فعله على سبيل أنه نزح عن مكة للتوسعة على من أتى حاجا في ذلك الوقت.

على كل حال المسألة محتملة أن يكون سنة أو لا يكون سنة، والمسألة الآن إنما الخلاف فيها خلاف نظري؛ لأنه لا يمكن النزول في الأبطح، لو فرض أن الأمور عادت وأن مكة عادت إلى حالتها الأولى يكون النزاع حينئذ له فائدة عملية أما الآن فالنزاع ما هو إلا مسألة نظرية.

[الحديث الثاني والستون]

وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: ((أُمِرَ اَلنَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ, إِلاَّ أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

[الشرح]

قال: (أُمِرَ اَلنَّاسُ) ه?ذه الصيغة قال علماء المصطلح: إن لها حكم الرفع؛ لأن الصحابي قال (أمر) فإن الآمر هو الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه ليس فوق مرتبة الصحابة إلا الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فيكون هو الآمر.

بل إن ه?ذا أحد ألفاظ الحديث وإلا فإن فيه لفظ آخر صريح بأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو الذي أمر فقال ابن عباس: كان الناس ينفرون من كل وجه، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)) وه?ذا مرفوع صريح للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قوله: (أُمِرَ اَلنَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ) كلمة (اَلنَّاسُ) ه?ذه لفظ عام؛ لكن يراد به الخاص، من ه?ذا الخاص؟ هم الذين ينفرون من الحج لقول ابن عباس: كان الناس ينفرون من كل وجه، وقيل هم الحجاج سواء نفروا أم لم ينفروا، وعلى ه?ذا يكون الطواف وداع لا للسفر لكن لانتهاء أعمال الحج، والإنسان عليه أن يودع سواء سافر أو لما يسافر، كما أنه إذا ودع فإنه لو بقي شهرين أو ثلاثة في مكة لا يعيد الطواف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير