تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 07, 08:05 م]ـ

[الحديث الثالث والستون]

وَعَنِ اِبْنِ اَلزُّبَيْرِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ, وَصَلاةٌ فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةٍ فِي مَسْجِدِي بِمِائَةِ صَلاةٍ)) رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ.

[الشرح]

قول الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ) ه?ذا قد يشكل من الناحية العربية حيث ابتدأ بالنكرة، فما الجواب؟ الجواب أنها أفادت بالوصف: (فِي مَسْجِدِي هَذَا) وقد قال ابن مالك:

ولا يجوز الابتداء بالنكرة ما لم تفد

ثم جعل مثلا له?ذا:

ورجل من الكرام عندنا

الحديث يطابق المثل الذي ذكره ابن مالك في قوله:

ورجل من الكرام عندنا.

وقوله: (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ)، (اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ) أفضل من مائة صلاة في المسجد النبوي سيكون أفضل من مائة ألف صلاة فيما عداه، إلا المسجد النبوي فهو أفضل منه بمائة.

يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حاثا ومرغّبا على الصلاة في هذين المسجدين؛ لأن ذكر الفضل في العمل يتضمن الحث عليه والترغيب فيه، ولولا أنه يتضمن ذلك لكان من باب اللهو والعبث، فإذا أثنى الشارع على فاعل أو فعل فهـ?ذا يدلّ على الحث عليه، إذْ أنه لم يكن كذلك كان عبثا لا فائدة منه.

وقوله: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا) أشار إليه لأنه مشاهد محسوس قال: (مَسْجِدِي هَذَا)، والإشارة كما عُرف تعيين الشيء بواسطة الإشارة بالأصبع فهي إشارة حسية في الأصل؛ لكن قد تكون إشارة معنوية كقول المؤلف: ه?ذا كتاب فيه كذا وكذا.

وقوله: (فِي مَسْجِدِي هَذَا) يعني مسجد المدينة، وأضافه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى نفسه لأنه هو الذي بناه وابتدأه، فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوّل ما قدم المدينة فأول شيء بدأ به اختيار مكان المسجد وبناؤه.

وقوله: (أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) أي من المساجد بدليل قوله: (إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ)، والأصل في المستثنى أن يكون من جنس المستثنى منه، فهو أفضل من ألف صلاة فيما عداه من المساجد إلا المسجد الحرام.

وقوله: (إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ) المسجد الحرام يعني الذي له الحرمة والتعظيم، فهو مسجد مكة خاصة، لقوله تَعَالى?: ?جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ? [المائدة:97]، ولقوله: ?وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ? [الفتح:25]، والنصوص في ه?ذا كثيرة.

وقوله: (وَصَلاةٌ فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةٍ فِي مَسْجِدِي بِمِائَةِ صَلاةٍ) يدل على أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في المسجد النبوي بمائة صلاة، فيكون أفضل من غيره بمائة ألف صلاة، يعني لو صليت جمعة واحدة في المسجد الحرام صارت أفضل من مائة ألف جمعة فيما عداه، كم مائة ألف جمعة من السنين؟ السنة فيها حوالي خمس وخمسين جمعة، إذا قلنا: خمسين كل سنتين بمائة، سبحان الله، على كل حال فضل عظيم للصلاة في ه?ذا المسجد.

نعود له?ذا الحديث مرة ثانية: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا) الإشارة تدل على تعين المشار إليه، فهل المراد المسجد الذي في عهد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وما زيد فيه فلا يدخل فيه، أم نقول: إن المراد المسجد وما زيد فيه؟ في ه?ذا خلاف بين العلماء:

فمنهم من قال المراد به مسجد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي هو مسجده والمسجد، وأما ما زيد فيه فلا يدخل في ه?ذا التفصيل، وحجتهم في ذلك الإشارة لأن الإشارة تعين المشار إليه، وإلا لأطلق وقال: في مسجدي. وسكت ولما قال: (هَذَا) علم أنه لا يتناول ما زيد فيه. وإلى ه?ذا يذهب بعض أهل العلم وقالوا: الزيادة لاشك أن لها فضلا لأنها مسجدا لكنها لا يحصل فيها ه?ذا الفضل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير