تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال بعض أهل العلم: بل إن ما زيد فيه فله حكمه، واستدلوا بحديثين ضعيفين أن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لو بلغ صنعاء فهو مسجده، وه?ذا الحديث ضعيف؛ لكن يعضده فعل الصحابة وإجماعهم رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، فإن الصحابة أجمعوا على الصلاة في الزيادة التي زادها عمر وأجمعوا أيضا على الصلاة في الزيادة التي زادها عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ومعلوم أن الزيادة العثمانية في قبلي المسجد، وأن الصحابة كانوا يصلون في قبلي المسجد في الصف الأول، لم يذكر أنهم كانوا يتأخرون حتى يكونوا في مسجد الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وه?ذا شبه إجماع من الصحابة على أنّ ما زيد فيه فله حكمه. وه?ذا هو الصواب بلا شك، وقد صرح به شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن ما زيد في المسجد فهو منه، ه?ذا لاشك فيه.

الثاني المسجد الحرام، ما هو المسجد الحرام؟ هل المراد به جميع الحرم أو المراد به مسجد الكعبة خاصة، في ه?ذا أيضا نزاع بين أهل العلم:

فمنهم من قال: المراد به كل الحرم، فإذا صلّيت في أي مكان من الحرم ولو خارج حدود مكة فصلاتك أفضل من مائة ألف صلاة، إلا المسجد النبوي.

واحتج ه?ؤلاء بقوله تَعَالى?: ?سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا? [الإسراء:01]، وقرّروا ه?ذه الحجة بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسري به من بيت أم هانئ رَضِيَ اللهُ عَنْها، ومعلوم أن بيت أم هانئ خارج المسجد -مسجد الكعبة-.

واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ? يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ? [البقرة:210]، فقالوا: ?وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ? ومعلوم أن هؤلاء أنهم أخرجوا من بيوتهم وديارهم، وليسوا من المسجد نفسه لأنهم ليسوا ساكني المسجد؛ بل هم في بيوتهم، وهنا قال: ?وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ?.

واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ?هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ? [الفتح:25]، وهم إنما صدوهم عن مكة وعن المسجد الحرام لاشك.

واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا? [التوبة:28]، قال: ?فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ? وهم ممنوعون من دخول مكة، فدلّ ه?ذا على أن المراد بالمسجد الحرام؛ كل الحرم.

واستدلوا أيضا بقوله تَعَالى?: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ? [الحج:25]، ?الْعَاكِفُ? معناه المديم المكث؛ طول المكث، والناس إنما يمكثون في البيوت يعكفون في بيوتهم، فقالوا: إنّ ه?ذه الآيات تدلّ على أن المراد بالمسجد الحرام جميع مكة.

أما من السنة فإنهم قالوا: إنه قد روى الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمر أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديبية كان مقيما في الحل، وكان إن حانت الصلاة دخل فصلى في الحرم، وه?ذا يدلّ على أن الصلاة في الحرم كله يشملها التضعيف.

وربما يستدلون بالمعنى والنظر فيقولون: لو خصصناه بالمسجد الحرام الذي هو مسجد الكعبة لضيقنا على الناس؛ لأن كل واحد في مكة لا يرغب أبدا أن يدع مائة ألف صلاة وبينه وبينها ه?ذه المسافة القريبة، بل لابد أن ذهب ويصلي وحينئذ يحصل الضيق والمشقة على الناس.

قالوا: ويدل له?ذا أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام في الأبطح أربعة أيام قبل الخروج إلى منى ولم يكن ينزل إلى المسجد الحرام ليصلي فيه مع قرب المسافة وسهولتها.

كل ه?ذه الأدلة استدلوا بها على أن المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير