تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما قوله تَعَالى?: ?هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ? [الفتح:25]، فالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ إنما جاء للحديبية، هل جاء ليزور مكة وأقاربه فيها وبيوتهم ثم يرجع، أو جاء ليصل إلى المسجد الحرام ه?ذا هو المقصود، ولو قدر أن الإنسان صدر عن كل مكة وننزل في المسجد الحرام ما همه. المقصود الذي عنه الصد هو المسجد الحرام -مسجد الكعبة- وحينئذ لا دليل في الآية.

قوله تَعَالى? ?وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ? [البقرة:210] ه?ذه هي أقوى دليل لو كانت دليلا لكانت هي أقوى دليل لمن قال إن المسجد الحرام هو مكة؛ لأن أهل الحرم أهل لكل الحرم، ولكن نقول: أهل الحرم إنما يفتخرون بانتسابهم إلى المسجد الحرام، هم أهل المسجد كما قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالى?? في سورة الأنفال: ?وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (34) ? [الأنفال:34]، فهنا نقول: هم أهل المسجد الحرام لأنهم إنما يشرفون به، كل ما قرب من ه?ذا المسجد إنما شرف بالمسجد، فصار هو المقصود الأعظم ولهذا سمي ه?ؤلاء أهلا له.

ثم نقول: أهل المسجد الحرام الذين يعمرونه بطاعة الله، وهم إنما يعمرون بطاعة الله مسجد الكعبة هو محل الصلاة والطواف وغير ذلك.

كذلك قوله: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ? [الحج:25]، نقول: إنهم يصدّون الناس عن العمرة والحج، وه?ذا لا يصح إلا بالوصول إلى المسجد الحرام، فتبين بهـ?ذا أنّ المراد بالمسجد الحرام هو مسجد الكعبة؛ لأن ه?ذا هو الذي ثبت عن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وه?ذا يقطع كل نزاع؛ لكن الإجابة عن ما احتجوا به لإزالة الشبهة.

بقي أن يقال: لو فرض أن المسجد الحرام زاد هل يدخل في الفضيلة أو لا؟ نقول: نعم يدخل، أولا لأنه ليس كالمسجد النبوي فيه التعيين بالإشارة بل قال: (المسجد الحرام) فكل ما كان مسجدا حول الكعبة فهو داخلا في الحديث.

لو قال قائل: لو صلى الإنسان حول المسجد في السوق هل ينال ه?ذا الأجر؟ نقول: فيه تفصيل، إن كان المسجد ممتلئا والصفوف متصلة فهو القوم لا يشقى بهم جليسهم، ينال الأجر ه?ؤلاء، أما إذا كان المكان واسعا في المسجد وصلى ه?ذا في سوقه فلا ينال ه?ذا الأجر.

ثم نرجع إلى ه?ذا التفضيل هل يشمل الفرائض والنوافل أو هو خاص بالفرائض؟

قال بعض أهل العلم: إنه خاص بالفرائض، وأن صلاة الفريضة في المساجد الثلاثة مفضلة على غيرها بل في المسجدين لأن الثالث ما ذكر في الحديث، وأما النافلة فلا.

والصحيح أنه شامل للفريضة والنافلة، وأن صلاة الفريضة في المساجد المفضلة وصلاة النّافلة سواء في المفاضلة، فلو صلى الإنسان التراويح في المسجد الحرام لكان خيرا من مائة ألف صلاة تراويح فيما عداه من المساجد، وتحية المسجد في المسجد الحرام خير من مائة ألف تحية في غيره، وعلى ه?ذا فقس.

تحت ذلك هل نقول: إن ه?ذا يقتضي أن فعل النافلة وأنت في مكة في المسجد أفضل من فعلها في بيتك، أو فعل النافلة وأنت في المدينة في المسجد خير من فعلها في بيتك؟

الجواب: لا، النافلة في البيت في مكة أو في المدينة أفضل منها في المسجد؛ لأن الذي فضّل مسجده على غيره من المساجد هو الذي قال: ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)) وعلى ه?ذا فإذا أردت أن تصلي الوتر وأنت في مكة، فهل الأفضل أن تذهب إلى المسجد الحرام وتصلي فيه أو الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك؟ الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك. وكذلك لو كنت في المدينة فهل الأفضل أن تصلي الوتر في بيتك أو في المسجد النبوي؟ الجواب في بيتك، له?ذا الحديث ((أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) ولفعل الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ فإن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كان يتنفّل في بيته مع أنه قال للناس: ((صلاة في مسجدي ه?ذا خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير