تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعلي اكتب في هذا شيئاً مستقلاً والله يتولى الجميع برحمته.

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[11 - 12 - 07, 07:51 ص]ـ

جزاكم الله خيرا

لكن ربما يكون في الحادثة من القرائن ما يرجح أحد جوانبها , ففي كثير من المسائل لا يجد الحاكم أو القاضي من المرجحات إلا قرائن تحف بالشيء فيحكم له.

والحكم بالقرائن القوية أصل أصيل كما نبه إلى ذلك ابن القيم رحمه الله وغيره

قال رحمه الله: بم تكون الحجة

قلت وتارة تكون الحجة نكولا فقط من غير رد اليمين وتارة تكون يمينا مردودة مع نكول المدعى عليه كما قضى الصحابة بهذا وهذا

وتارة تكون علامات يصفها المدعي يعلم بها صدقه كالعلامات التي يصفها من سقطت منه لقطة لواجدها فيجب حينئذ الدفع إليه بالصفة عند الإمام أحمد وغيره ويجوز عند الشافعي ولا يجب

وتارة تكون شبها بينا يدل على ثبوت النسب فيجب إلحاق النسب به عند جمهور من السلف والخلف كما في القافة التي اعتبرها رسول الله صلى الله عليه و سلم وحكم بها الصحابة من بعده

وتارة تكون علامات يختص بها أحد المتداعيين فيقدم بها كما نص عليه الإمام أحمد في المكرى والمكترى يتداعيان دفينا في الدار فيصفه أحدهما فيكون له مع يمينه الظاهرة والظن الغالب الملتحق بالقطع في اختصاص كل واحد منهما بما يصلح له ورأوا أن الدعوى تترجح بما هو دون ذلك بكثير كاليد والبراءة والنكول واليمين المردودة والشاهد واليمين والرجل والمرأتين فيثير ذلك ظنا تترجح به الدعوى ومعلوم أن الظن الحاصل ههنا أقوى بمراتب كثيرة من الظن الحاصل بتلك الأشياء وهذا مما لا يمكن جحده ودفعه

أمارات الحق الموجود والمشروع

وقد نصب الله سبحانه على الحق الموجود والمشروع علامات وأمارات تدل عليه وتبينه قال تعالى وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون وعلامات ومالنجم هم يهتدون

ونصب على القبلة علامات وأدلة

ونصب على الإيمان والنفاق علامات وأدلة قال النبي صلى الله عليه و سلم إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان فجعل اعتياد شهود المسجد من علامات الإيمان وجوز لنا أن نشهد بإيمان صاحبها مستندين إلى تلك العلامة والشهادة إنما تكون على القطع فدل على أن الأمارة تفيد القطع وتسوغ الشهادة

وقال آية المنافق ثلاث وفي لفظ علامة المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وفي السنن ثلاث من علامات الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله والجهاد ماض منذ بعثنى الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل والإيمان بالأقدار

وقد نصب الله تعالى الآيات دالة عليه وعلى وحدانيته وأسمائه وصفاته فكذلك هي دالة على عدله وأحكامه والآية مستلزمة لمدلولها لا ينفك عنها فحيث وجد الملزوم وجد لازمه فإذا وجدت آية الحق ثبت الحق ولم يتخلف ثبوته عن آيته وأمارته فالحكم بغيره حينئذ يكون حكما بالباطل

وقد اعتبر النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه من بعده العلامات في الأحكام وجعلوها مبينة لها كما اعتبر العلامات في اللقطة وجعل صفة الواصف لها آية وعلامة على صدقه وأنها له وقال لجابر خذ من وكيلي وسقا فإن التمس منك آية فضع يدك على ترقوته فنزل هذه العلامة منزلة البينة التي تشهد أنه أذن له أن يدفع إليه ذلك كما نزل الصفة للقطة منزلة البينة بل هذا نفسه بينة إذ البينة ما تبين الحق من قول وفعل ووصف

وجعل الصحابة رضي الله عنهم الحبل علامة وآية على الزنا فحدوا به المرأة وإن لم تقر ولم يشهد أو تسعا آية وعلامة على كونهم ما بين الألف والتسعمائة فأخبر عنهم بهذا القدر بعد ذكر هذه العلامة

وجعل النبي صلى الله عليه و سلم كثرة المال وقصر مدة إنفاقه آية وعلامة على كذب المدعي لذهابه في النفقة والنوائب في قصة حيي بن أخطب وقد تقدمت وأجاز العقوبة بناء على هذه العلامة

واعتبر العلامة في السيف وظهور أثر الدم به في الحكم بالسلب لأحد المتداعيين ونزل الأثر منزلة بينة

واعتبر العلامة في ولد الملاعنة وقال أنظروها فإن جاءت به على نعت كذا وكذا فهو لهلال بن أمية وإن جاءت به على نعت كذا وكذا فهو للذي رميت به فأخبر أنه للذي رميت به لهذه العلامات والصفات ولم يحكم به له لأنه لم يدعه ولم يقر به ولا كانت الملاعنة فراشا له

واعتبر نبات الشعر حول القبل في البلوغ وجعله آية وعلامة له فكان يقتل من الأسرى يوم قريظة من وجدت فيه تلك العلامة ويستبقى من لم تكن فيه ولهذا جعله طائفة من الفقهاء كالشافعي علامة في حق الكفار خاصة

وجعل الحيض علامة على براءة الرحم من الحمل فجوز وطء الأمة المسبية إذا حاضت حيضة لوجود علامة خلوها من الحبل فلما منع من وطء الأمة الحامل وجوز وطأها إذا حاضت كان ذلك اعتبارا لهذه العلامة والأمارة واعتبر العلامة في الدم الذي تراه المرأة ويشتبه عليها هل هو حيض أو استحاضة واعتبر العلامة فيه بوقته ولونه وحكم بكونه حيضا بناء على ذلك

وهذا في الشريعة أكثر من أن يحصر وتستوفى شواهده

إطلاق لفظ الشرع

فمن أهدر الأمارات والعلامات في الشرع بالكلية فقد عطل كثيرا من الأحكام وضيع كثيرا من الحقوق والناس في هذا الباب طرفان ووسط.

الطرق الحكمية (145)

ففي مسألة الاغتصاب ربما يلجأ القاضي إلى القرائن القوية التي تحف بالحادثة

كوجود شعر أو لحم المغتصب في أظافر الضحية التي تدل على دفعه وك dna وغير ذلك فتكون هذه من المرجحات والقرائن.

أي لا يسلم لها بالاطلاق لكن قد تكون من المرجحات التي تضاف إلى أدلة أخرى - قرائن أخرى ظاهرة - تعين على الحكم بالحادثة.

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير